"العقوق" بضم العين : من "العق" ، وهو القطع ، والشق . فهو شق عصا الطاعة للأمهات . وهو إيذاؤهن بأي نوع كان ، من أنواع الأذى : قل أو كثر . بشرط : انتفاء المعصية في الكل . وهو حرام من الكبائر ، بإجماع العلماء . وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على عده من الكبائر . وكذلك عقوق الآباء : من الكبائر .
وإنما اقتصر هنا على الأمهات : لأن حرمتهن آكد من حرمة الآباء . لم يذكر [ ص: 58 ] ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم في الرابعة : nindex.php?page=hadith&LINKID=676396 "ثم أباك" . ولأن أكثر العقوق : يقع للأمهات ، ويطمع الأولاد فيهن ، أو لعجزهن غالبا .
(ووأد البنات) : هو دفنهن في حياتهن ، فيمتن تحت التراب . وهو من الكبائر الموبقات ، لأنه قتل نفس بغير حق . ويتضمن أيضا : قطيعة الرحم ، وقطع النسل : الذي هو خراب العالم .
قيل : وأول من فعل ذلك : "قيس بن عاصم التميمي" .
وإنما اقتصر على وأد البنات : لأنه المعتاد ، الذي كانت الجاهلية تفعله .
وقيل : المراد به : سؤال الناس أموالهم ، وما في أيديهم . وقد تظاهرت الأحاديث : بالنهي عن ذلك .
وقيل : يحتمل أن المراد : كثرة السؤال عن أخبار الناس ، وأحداث الزمان ، وما لا يعني الإنسان . قال النووي : وهذا ضعيف . لأنه قد عرف هذا : من النهي عن : "قيل وقال" .
[ ص: 60 ] وقيل : يحتمل أن المراد : كثرة سؤال الإنسان عن حاله ، وتفاصيل أمره . فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسئول . فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله ؛ فإن أخبره : شق عليه ، وإن كذبه في الإخبار ، أو تكلف التعريض : لحقته المشقة . وإن أهمل جوابه : ارتكب سوء الأدب .
وأما "إضاعة المال" : فهو صرفه في غير وجوهه الشرعية ، وتعريضه للتلف . وسبب النهي : أنه إفساد . والله لا يحب المفسدين . ولأنه ، إذا ضاع ماله : تعرض لما في أيدي الناس .
هذا آخر كلام النووي . ولا مانع من إرادة الاحتمالين الأولين "في كثرة السؤال" ، وكذا الاحتمال الثالث . فإن الحديث صدر من مشكاة من أوتي جوامع الأقوال . والله أعلم .
وقد تكلم النووي على معنى "عقوق الأبوين" ، وما يتعلق به . في الجزء الأول "في كتاب الإيمان" . فإن شئت : أن تقف عليه تفصيلا مزيدا : فراجعه .