(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تحاسدوا) .
"الحسد" : تمني زوال النعمة . و"التحاسد" : هو أعم من أن يسعى في إزالة تلك النعمة عن مستحقها ، أم لا . فإن سعى كان باغية . وإن لم يسع في ذلك ولا أظهره ولا تسبب فيه . فإن كان المانع عجزه بحيث لو تمكن فعل فآثم .
وإن كان المانع التقوى فقد يعذر لأنه لا يملك دفع الخواطر النفسانية . فيكفيه في مجاهدة نفسه عدم العمل والعزم عليه .
و"الحسد" : أول ذنب عصي الله به في السماء من "إبليس" . وفي الأرض من "قابيل" .
وأقوى أسباب الحسد العداوة ، ومنها حب الرياسة . فمتى تفرد بفن وأحب الرياسة صارت حالته ؛ إذا سمع في أقصى العالم بنظيره أحب موته ، أو زوال تلك النعمة عنه .
[ ص: 102 ] وآفاته كثيرة . وربما حسد عالما ، فأحب خطأه في دين الله ، وانكشافه ، أو بطلان علمه : بخرس ، أو مرض . نسأل الله العفو والعافية .
(ولا تناجشوا) من النجش . وهو أن يزيد في السلعة ، وهو لا يريد شراءها ، بل ليوقع غيره فيها .
قال القاضي : يحتمل أن المراد بالتناجش هنا ذم بعضهم بعضا . قال النووي : والصحيح الأول .
(ولا تباغضوا) . أي : لا تتعاطوا أسباب البغض . نعم إذا كان البغض لله وجب .
قال بعض العلماء : وفي النهي عن التباغض إشارة إلى النهي عن الأهواء المضلة ، الموجبة للتباغض .
(ولا تدابروا) أي : لا تعادوا ولا تهاجروا فيولي كل واحد منكما دبره لصاحبه حين يراه . لأن من أبغض أعرض ، ومن أعرض ولى دبره بخلاف من أحب .
(ولا يبع بعضكم على بيع بعض) . سبق شرحه في (كتاب البيوع) .
(وكونوا عباد الله) ! أي : يا عباد الله ! (إخوانا) أي : تعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة باكتساب ما تصيرون به كإخوان النسب في الشفقة ، والرحمة ، والرفق ، والمحبة ، والملاطفة ، والمواساة ، والنصيحة ، والتعاون في الخير ، ونحو ذلك . مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال .
[ ص: 103 ] يعني : أنتم مستوون في كونكم عبيد الله وملتكم ملة واحدة . فالتحاسد والتباغض والتدابر ونحوها مناف لحالكم .