(عن عبد الله بن عمرو بن العاص) ، رضي الله عنهما (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، يقول: كتب الله مقادير الخلائق) أي: أجرى القلم على اللوح بتحصيل مقاديرها، على وفق ما تعلقت به إرادته.
وليس المراد هنا أصل التقدير؛ لأنه أزلي. هذا لفظ المناوي، في شرح الجامع الصغير.
ولفظ النووي : قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير؛ فإن ذلك أزلي لا أول له.
(قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) معناه: طول الأمد، وتكثير ما بين الخلق والتقدير من المدد، لا التحديد.
(قال: وعرشه على الماء) أي: قبل خلق السماوات والأرض.
قال بعضهم: ذلك الماء هو العلم. والله أعلم.
[ ص: 349 ] حكى الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن بعض السلف: أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء، بعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة، واتساعه خمسون ألف سنة، وبعد ما بين العرش إلى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة.
وقد ذهب طائفة من أهل الكلام، إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه، محيط بالعالم من كل جهة. وربما سموه: «الفلك التاسع، والفلك الأطلس». قال ابن كثير: وهذا ليس بجيد؛ لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم، تحمله الملائكة. والفلك لا يكون له قوائم، ولا يحمل. وأيضا: فإن العرش في اللغة: عبارة عن السرير الذي للملك، وليس هو فلك. والقرآن إنما نزل بلغة العرب، فهو سرير ذو قوائم، تحمله الملائكة، وكالقبة على العالم، وهو سقف المخلوقات. انتهى. يعني الآن. ويكون أيضا سقف أهل الجنة يوم القيامة.
وأشار بقوله: «وعرشه على الماء» إلى أنهما كانا مبدأ العالم؛ لكونهما خلقا قبل كل شيء.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير، وغيره، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس « أن الله، عز وجل كان عرشه على الماء، ولم يخلق شيئا قبل الماء. فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا، فارتفع فوق الماء، فسما عليه، فسمي سماء، ثم أيبس الماء، فجعله أرضا واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان، فكان ذلك الدخان من نفس الماء حين تنفس، ثم جعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات ».