[ ص: 385 ] فيقول: أي رب! أذكر أو أنثى؟ فيكتبان. ويكتب عمله، وأثره، وأجله، ورزقه. ثم تطوى الصحف، فلا يزاد فيها ولا ينقص») .
(الشرح)
(عن حذيفة بن أسيد) : بفتح الهمزة (يبلغ به النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم، قال: يدخل الملك على النطفة، بعدما تستقر في الرحم بأربعين -أو خمسة وأربعين- ليلة) .
ويؤخذ منها، ومن أحاديث الباب: أن تصيير المضغة «عظاما» بعد نفخ الروح. والله أعلم.
(فيقول: يا رب! أشقي أو سعيد؟ فيكتبان) المذكور من الشقاوة [ ص: 386 ] والسعادة. ومن الرزق، والأجل: على جبهته أو رأسه مثلا. وهو في بطن أمه. وكذلك: «ذكر أو أنثى» كما قال.
(فيقول: أي رب! أذكر أو أنثى؟ فيكتبان) بضم الأول في الموضعين. ومعناه: يكتب أحدهما.
(ويكتب عمله، وأثره، وأجله، ورزقه. ثم تطوى الصحف. فلا يزاد فيها ولا ينقص) .
وهذا كما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض ليس على ظاهره؛ لأن «التصوير» إنما يقع في آخر الأربعين الثالثة. فمعنى «صورها»: كتب الله ذلك، ثم يفعله.
وفي حديث آخر: « أن خلق السمع والبصر يقع والجنين في بطن أمه ». قال القسطلاني : وهو محمول جزما على الأعضاء، ثم على القوة الباصرة والسامعة؛ لأنها مودعة فيهما. وأما الإدراك فالذي يترجح أنه يتوقف على زوال الحجاب المانع. قال المظهري: إن الله تعالى يحول الإنسان في بطن أمه حالة بعد حالة، مع أنه تعالى قادر على أن يخلقه في لمحة؛ وذلك أن في التحويل فوائد وعبرا:
منها: أنه لو خلقه دفعة لشق على الأم؛ لأنها لم تكن معتادة لذلك، فجعل أولا «نطفة» لتعتاد بها مدة، ثم «علقة» مدة. وهلم جرا، إلى الولادة.
ومنها: إرشاد الناس، وتنبيههم على كمال قدرته على الحشر [ ص: 388 ] والنشر؛ لأن من قدر على خلق الإنسان (من ماء مهين، ثم من علقة، ومضغة مهيأة لنفخ الروح فيه) يقدر على صيرورته ترابا، ونفخ الروح فيه وحشره في المحشر، للحساب والجزاء. انتهى.