(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) رضي الله عنه: (أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: ما من مولود إلا ويولد على الفطرة) الإسلامية. ففيه: القابلية للدين الحق، فلو ترك وطبعه لما اختار دينا غيره. أي: ما من مولود يولد على أمر من الأمور إلا على الفطرة، حتى [ ص: 403 ] يعبر عنه لسانه.
(فأبواه يهودانه) أي: يجعلانه يهوديا، إذا كانا من اليهود (وينصرانه) أي: يجعلانه نصرانيا، إذا كانا من النصارى.
والفاء للتعقيب أو للسبب، أي: إذا تقرر ذلك، فمن تغير كان بسبب أبويه.
(ويمجسانه) أي: يجعلانه مجوسيا، إذا كانا من المجوس.
قال النووي : أما الفطرة المذكورة في هذه الأحاديث، فقال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وأن الولادة تقع عليها، حتى يحصل التغيير بالأبوين.
وقيل: هي ما قضي عليه من سعادة أو شقاوة، ويصير إليها.
وقيل: هي ما هيئ له.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : سألت محمد بن الحسن عن هذا الحديث، فقال: كان هذا في أول الإسلام، قبل أن تنزل الفرائض، وقبل الأمر بالجهاد. قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: كأنه يعني: أنه لو كان يولد على الفطرة ثم مات قبل أن يهوده أبواه أو ينصرانه: لم يرثهما ولم يرثاه؛ لأنه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وهما كافران.
[ ص: 404 ] ولما جاز أن يسبى، فلما فرضت الفرائض، وتقررت السنن على خلاف ذلك علم أنه يولد على دينهما.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك : يولد على ما يصير إليه من سعادة أو شقاوة، فمن علم الله أنه يصير مسلما ولد على فطرة الإسلام، ومن علم أنه يصير كافرا ولد على الكفر.
والأصح: أن معناه: أن كل مولود يولد متهيئا للإسلام، فمن كان أبواه أو أحدهما مسلما استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا، وهذا معنى: (يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه) أي: يحكم له بحكمهما في الدنيا، فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر، ودينهما.
(كما تنتج البهيمة بهيمة) بضم التاء الأولى، وفتح التاء الثانية، ورفع «البهيمة» ونصب «بهيمة» ومعناه: كما تلد البهيمة بهيمة (جمعاء) بالمد، أي: مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص.
(هل تحسون فيها من جدعاء؟) بالمد، وهي مقطوعة «الأذن» أو غيرها من الأعضاء. معناه: أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأطراف، لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها.
وزاد في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : «حتى تكونوا أنتم تجدعونها» أي: تقطعون أطرافها، أو شيئا منها، شبه بالمحسوس المشاهد؛ ليفيد أن ظهوره بلغ في الكشف والبيان مبلغ هذا المحسوس المشاهد من الحيوان.
وحاصل الكلام -في هذا المقام- أن العالم، إما عالم الغيب أو عالم الشهادة، فإذا نزل الحديث على الأول أشكل معناه، وإذا صرف إلى الآخر سهل تعاطيه، فإذا نظر الناظر إلى المولود نفسه، من غير اعتبار عالم الغيب، وأنه ولد على الفطرة: من الاستعداد للمعرفة، وقبول الحق، والتأبي عن الباطل، والتمييز بين الخطأ والصواب: حكم بأنه لو ترك على ما هو عليه ولم يعتوره من الخارج ما يصده: استمر على ما هو عليه من الفطرة السليمة، والخلقة الصحيحة. وانظر قتل الخضر «عليه السلام» الغلام؛ إذ كان باعتبار النظر إلى عالم الغيب، وإنكار موسى «عليه السلام» عليه كان باعتبار عالم الشهادة، وظاهر الشرع.
فلما اعتذر الخضر بالعلم الخفي الغائب: أمسك موسى عن الإنكار.
فلا عبرة بالإيمان الفطري، في أحكام الدنيا، وإنما يعتبر الإيمان الشرعي المكتسب بالإرادة والفعل.