(عن nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، عليهم الصوف، فرأى سوء حالهم، قد أصابتهم حاجة، فحث الناس على الصدقة، فأبطأوا عنه حتى رئي ذلك في وجهه. قال: ثم إن رجلا من الأنصار، جاء بصرة من ورق، ثم جاء آخر، ثم تتابعوا، حتى عرف السرور في وجهه. فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها) معناه: أنه سنها، سواء كان العمل في حياته، أو بعد مماته (بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء) .
قال النووي : هذا الحديث صريح في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة، وتحريم سن الأمور السيئة، وأن من سن سنة حسنة كان [ ص: 420 ] له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة. ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة. انتهى.
قلت: وقد استدل بهذا الحديث، وبما في معناه من الأحاديث الأخرى، بعض من لا يعتد به على جواز سن البدعة الحسنة. ولا دلالة في هذا الحديث على ذلك أصلا؛ لأن المراد بالسن هنا العمل بالسنة الثابتة، المحثوث عليها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا ابتداع شيء على غير مثال سبق.
وكذا المراد بسن السيئة: العمل بالفعل المنهي عنه في الدين؛ لأن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم حث أصحابه على الصدقة، يصدقون بها على الأعراب المحاويج، فلما أبطأوا عنه كره ذلك، فأقدم على الامتثال بعض الأنصار، فقال: «من سن إلخ» وهذا يوضح المراد من حديث الباب، فهو حجة على المبتدعة، الذين يستحدثون في الدين، ويبتدعون في الإسلام، لا لهم «على استحسان البدع والمحدثات» كيف؟ وملة الإسلام غير محتاجة إلى [ ص: 421 ] التكميل بأمثال هذه الابتداعات، التي يشملها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « nindex.php?page=hadith&LINKID=667821كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ».
وليس يصدق حديث الباب إلا على من أحيا سنة من السنن، أو أمات بدعة من البدع.