(عن nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب ) : بضم الدال وفتحها، هو ابن هلال الفزاري، كنيته: «أبو سعيد». وقيل: «أبو محمد». ويقال: «أبو سليمان». وغير ذلك.
مات بالكوفة، في آخر خلافة «معاوية». رحمهم الله تعالى.
(وعن المغيرة) بضم الميم، على المشهور. وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت وابن قتيبة وغيرهما: أنه يقال بكسرها أيضا.
[ ص: 437 ] وكان المغيرة (بن شعبة، رضي الله عنهما) أحد دهاة العرب.
كنيته: «أبو عيسى». ويقال: «أبو عبد الله».
مات سنة خمسين. وقيل: سنة إحدى وخمسين. أسلم عام الخندق.
ومن طرف أخباره: أنه حكي عنه أنه أحصن في الإسلام ثلاثمائة امرأة. وقيل: ألف امرأة.
(قالا: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب: فهو أحد الكاذبين») .
قال النووي : ضبطناه «يرى» بضم الياء. و«الكاذبين»: بكسر الباء، وفتح النون: على الجمع. وهذا هو المشهور، في اللفظين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: الرواية فيه عندنا على الجمع. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الأصفهاني، في كتابه (المستخرج على صحيح مسلم) في حديث «سمرة»: بفتح الباء وكسر النون: على التثنية. واحتج به على أن الراوي له يشارك البادي بهذا الكذب. ثم رواه أبو نعيم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة على الشك «في التثنية والجمع».
وذكر بعض الأئمة: جواز فتح الياء من «يرى» وهو ظاهر حسن. فأما من ضم الياء فمعناه: «يظن» وأما من فتحها فظاهر. ومعناه: «يعلم». ويجوز أن يكون بمعنى: «يظن» أيضا، فقد حكي «رأى» بمعنى: «ظن».
[ ص: 438 ] وقيد بذلك؛ لأنه لا يأثم إلا بروايته ما يعلمه أو يظنه كذبا.
أما ما لا يعلمه ولا يظنه كذبا فلا إثم عليه في روايته، وإن ظنه غيره كذبا أو علمه.
قال: ويحرم رواية الحديث الموضوع، على من عرف كونه موضوعا، أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثا علم أو ظن وضعه، ولم يبين -حال روايته- وضعه، فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
[ ص: 439 ] ويدل عليه: حديث الباب هذا، والحديث السابق في الباب المتقدم.
ولهذا قال العلماء: ينبغي لمن أراد رواية حديث، أو ذكره أن ينظر: فإن كان صحيحا أو حسنا، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: كذا، أو فعل كذا، أو نحو ذلك من صيغ الجزم.
وإن كان ضعيفا، فلا يقل: قال. أو فعل. أو أمر. أو نهى. أو شبه ذلك من صيغ الجزم. بل يقول: روي عنه كذا. أو جاء عنه كذا. أو روي. أو يذكر. أو يحكى. أو يقال. أو بلغنا. وما أشبهه. والله أعلم.
هذا آخر كلام النووي .
قال الطيبي رحمه الله (في الخلاصة) : والواضعون للحديث أصناف، وأعظمهم ضررا: قوم منتسبون إلى الزهد، وضعوا الحديث احتسابا لزعمهم الباطل، فيقبل الناس موضوعاتهم ثقة بهم، وركونا إليهم.
ووضعت «الزنادقة» أيضا جملا، ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها، ومحو عارها. والحمد لله. انتهى. وبسط القول في أسباب الوضع، وذكر أحاديث منها. فراجعه.
قال الشوكاني رحمه الله في (الفتح الرباني) : (أحاديث فضائل [ ص: 440 ] القرآن، سورة سورة) لا خلاف بين من يعرف الحديث أنها موضوعة مكذوبة، وقد أقر بها واضعها «أخزاه الله»: بأنه الواضع لها. وليس بعد الإقرار شيء. ولا اغترار بمثل ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري لها في آخر كل سورة؛ فإنه وإن كان إمام اللغة، والآلات على اختلاف أنواعها: فلا يفرق في الحديث بين «أصح الصحيح وأكذب الكذب» ولا يقدح ذلك في علمه الذي بلغ فيه غاية التحقيق، ولكل علم رجال. وقد وزع الله سبحانه الفضائل بين عباده. والزمخشري نقل هذه الأحاديث من تفسير الثعلبي، وهو مثله في عدم المعرفة بالسنة ... إلى قوله: وقد أخطأ من قال: إنه يجوز التساهل في الأحاديث الواردة في فضائل الأعمال؛ وذلك لأن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام، لا فرق بين واجبها ومحرمها، ومسنونها ومكروهها ومندوبها.
فلا يحل: إثبات شيء منها إلا بما تقوم به الحجة، وإلا فهو من التقول على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بما لم يقل. ومن التجري على الشريعة المطهرة بإدخال ما لم يكن منها فيها. وقد [ ص: 441 ] صح تواترا: أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: « nindex.php?page=hadith&LINKID=650107من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ».
فهذا الكذاب، الذي كذب على رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، محتسبا للناس بحصول الثواب لم يربح إلا كونه من أهل النار. انتهى.
قال الطيبي في (الخلاصة) : روينا عن أبي عصمة « نوح بن أبي مريم » أنه قيل له: من أين لك «عن عكرمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس » في فضائل القرآن سورة فسورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث؛ حسبة.
وهكذا حال «الحديث الطويل، الذي يروى: عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في فضل القرآن: سورة فسورة» بحث باحث عن مخرجه، حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه، وإن أثر الوضع لبين عليه.
ولقد أخطأ nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي المفسر، وغيره من المفسرين في إيداعها تفاسيرهم. ومما أودعوه فيها: «تلك الغرانيق العلى إلخ». انتهى.
[ ص: 442 ] قلت: وهكذا حال الأحاديث، التي أودعها nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي المفسر في تفسيره في فضائل سور القرآن؛ فإن غالبها موضوع.
وقد ابتلي كثير من الناس العالمين بهذه المصيبة، ممن لا علم لهم بالسنة المطهرة. وأكثرهم ابتلاء بهذه البلية عصابة الزهد، وأهل الرأي، وأصحاب الكلام، والقصاص، والوعاظ.
والكلام على الوضع، وأسبابه، وأهله، وبيان أحواله: يطول جدا.
وموضعه: «علم أصول الحديث».
وفيما أشرنا إليه كفاية، ومبلغ، ومقنع. والله أعلم.
قال النووي : قال العلماء: ينبغي لقارئ الحديث أن يعرف من النحو، واللغة، وأسماء الرجال: ما يسلم به من قوله ما لم يقل، وإذا صح في الرواية ما يعلم أنه خطأ فالصواب -الذي عليه الجماهير من السلف والخلف- أنه يرويه على الصواب، ولا يغيره في الكتاب، لكن يكتب في الحاشية: أنه وقع في الرواية كذا، وأن الصواب خلافه، وهو كذا، ويقول -عند الرواية-: كذا وقع في هذا الحديث، أو في روايتنا. والصواب: كذا. فهذا أجمع للمصلحة؛ فقد يعتقده خطأ، ويكون له وجه يعرفه غيره.
[ ص: 443 ] ولو فتح باب تغيير الكتاب لتجاسر عليه غير أهله.
قال العلماء: وينبغي للراوي، وقارئ الحديث -إذا اشتبه عليه لفظة، فقرأها على الشك- أن يقول عقبه: أو كما قال. والله أعلم.
قال العلماء: يستحب لمن روى بالمعنى أن يقول بعده: أو كما قال. أو نحو هذا. كما فعلته الصحابة، فمن بعدهم. والله أعلم.