وقال النووي : ( باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال) .
(حديث الباب)
وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي، ص 55، 56 جـ 17، المطبعة المصرية
[عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=661934عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم فقال أحدهم اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم حلبت [ ص: 477 ] فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني وأنه نأى بي ذات يوم الشجر فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء، وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار فتعبت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ففرج لهم، وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز فلما قضى عمله قال: أعطني حقي فعرضت عليه فرقه فرغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعاءها فجاءني فقال اتق الله ولا تظلمني حقي قلت اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها فقال اتق الله ولا تستهزئ بي فقلت إني لا أستهزئ بك خذ ذلك البقر ورعاءها فأخذه فذهب به فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقي ففرج الله ما بقي ].
[ ص: 478 ] (الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما؛ عن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ أنه قال: بينما ثلاثة نفر، يتمشون: أخذهم المطر، فأووا) : بقصر الهمزة، ويجوز فتحها في لغة قليلة.
(إلى غار في جبل) : "الغار": النقب في الجبل.
(فانحطت على فم غارهم: صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله: فادعوا الله) تعالى (بها، لعله يفرجها عنكم) .
(فقال أحدهم: اللهم ! إنه كان لي والدان، شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم. فإذا أرحت عليهم) معناه: إذا رددت الماشية، من المرعى، إليهم، وإلى موضع مبيتها. وهو "مراحها": بضم الميم. يقال: أرحت الماشية، وروحتها: بمعنى. (حلبت، فبدأت بوالدي؛ فسقيتهما قبل بني. وأني نأى بي) . وفي لفظ: "ناء بي". وهما لغتان، وقراءتان. ومعناه: بعد.
[ ص: 480 ] (ذات يوم: الشجر. فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما. فحلبت - كما كنت أحلب -، فجئت بالحلاب) : بكسر الحاء. وهو الإناء الذي يحلب فيه، يسع حلبة ناقة. ويقال له: "المحلب"، بكسر الميم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : وقد يريد "بالحلاب" هنا: اللبن المحلوب.
(فقمت عند رؤوسهما : أكره أن أوقظهما من نومهما. وأكره أن أسقي الصبية قبلهما. والصبية يتضاغون) أي: يصيحون، ويستغيثون من الجوع. [ ص: 481 ] (عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر) الدأب: الحالة اللازمة.
(فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء، ففرج الله منها: فرجة)بضم الفاء، وفتحها. ويقال لها أيضا: "فرج".
(وقال الآخر: اللهم ! إنه كانت لي ابنة عم، أحببتها: كأشد ما يحب الرجال النساء) وهو الشغف والوله.
(وطلبت إليها نفسها فأبت، حتى آتيها بمائة دينار، فبقيت حتى جمعت مائة دينار، فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها) أي: جلست، مجلس الرجل للوقاع: (قالت: يا عبد الله ! اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه) . "الخاتم": كناية عن بكارتها. أي: لا تزلها إلا بنكاح شرعي، لا بزنا وسفاح.
[ ص: 482 ] (فقمت عنها. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة، ففرج لهم) .
وفيه: أن ترك المحرم، وترك المعصية: عمل صالح، حري بأن يتوسل به في الدعاء، وكشف الكرب، كما يتوسل: بعمل صالح فعله. وذلك من فضل الله، وسعة رحمته على عباده.
(اللهم ! إني كنت استأجرت أجيرا: بفرق أرز) . "الفرق": بفتح الراء، وإسكانها. لغتان. الفتح أجود، وأشهر. وهو إناء يسع ثلاثة آصع.
(فلما قضى عمله. قال: أعطني حقي. فعرضت عليه فرقه، فرغب عنه) أي: كرهه وسخطه، وتركه.
(فلم أزل أزرعه، حتى جمعت منه: بقرا ورعاءها. فجاءني، فقال: اتق الله، ولا تظلمني حقي. قلت: اذهب إلى تلك البقر، ورعائها: فخذها. فقال: اتق الله، ولا تستهزئ بي. فقلت: إني لا [ ص: 483 ] أستهزئ بك. خذ ذلك البقر، ورعاءها. فأخذه، فذهب به. فإن كنت تعلم: أني فعلت ذلك، ابتغاء وجهك: فافرج لنا: ما بقي. ففرج الله ما بقي) .