وأورده النووي، في (باب استحباب خفض الصوت بالذكر، إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها: كالتلبية وغيرها. واستحباب الإكثار من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله") .
[ ص: 593 ] (حديث الباب) وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي، ص 25، 26 جـ 17، المطبعة المصرية
(فقال النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم: أيها الناس ! اربعوا) : بهمزة وصل، وبفتح الباء. معناه: ارفقوا (على أنفسكم) ، واخفضوا أصواتكم. (إنكم ليس تدعون: أصم، ولا غائبا) .
ورفع الصوت: إنما يفعله الإنسان، لبعد من يخاطبه، ليسمعه.
وأنتم تدعون الله تعالى. وليس هو بأصم، ولا غائب.
(إنكم تدعون: سميعا قريبا) أي: بل هو "سميع قريب". يسمع دعوتكم: من دون جهر، ورفع الصوت.
(وهو معكم) قال النووي : أي بالعلم، والإحاطة.
والأولى: عدم التأويل، مع الإيمان بالمعنية: بلا كيف.
قال: ففيه: الندب إلى خفض الصوت: بالذكر، إذا لم تدع حاجة إلى رفعه. فإنه إذا خفضه، كان أبلغ: في توقيره، وتعظيمه. فإن دعت حاجة إلى الرفع: رفع. كما جاءت به أحاديث.
وفي رواية أخرى: "والذي تدعونه: أقرب إلى أحدكم، من عنق راحلة أحدكم". انتهى.
قال: وأنا خلفه، وأنا أقول: لا حول، ولا قوة: إلا بالله، (فقال: يا عبد الله بن قيس ! ) هذا اسم nindex.php?page=showalam&ids=110 "أبي موسى". راوي حديث الباب.
(ألا أدلك: على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: بلى. يا رسول الله ! فقال: "قل: لا حول، ولا قوة: إلا بالله") .
قال العلماء: سبب ذلك: أنها كلمة استسلام، وتفويض، إلى الله تعالى. واعتراف: بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا راد لأمره. وأن العبد: لا يملك شيئا من الأمر.
ومعنى "الكنز" هنا: أنه ثواب مدخر في الجنة. وهو ثواب نفيس. كما أن الكنز أنفس أموالكم.
قال (في شرح المشكاة) : هذا التركيب، ليس باستعارة: لذكر المشبه "وهو الحوقلة"، والمشبه به "وهو الكنز". ولا التشبيه الصرف: لبيان الكنز، بقوله: "من كنوز الجنة". بل هو إدخال الشيء في جنس، وجعله: أحد أنواعه على التغليب.
فالكنز إذا نوعان؛
[ ص: 596 ] الأول: المتعارف. وهو المال الكثير، يجعل بعضه فوق بعض، ويحفظ.
والثاني: غير المتعارف. وهو هذه الكلمة الجامعة، المكتنزة بالمعاني الإلهية، لما أنها محتوية على "التوحيد الخفي". لأنه إذا نفيت الحيلة والاستطاعة عما من شأنه ذلك، وأثبتت لله - على سبيل الحصر: بإيجاده، واستعانته، وتوفيقه -: لم يخرج شيء من ملكه، وملكوته.
ومن الدليل على ذلك - أنها دالة على التوحيد الخفي -: قوله صلى الله عليه وآله وسلم، nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى: "ألا أدلك: على كنز" مع أنه كان يذكرها في نفسه. والدلالة: إنما تستقيم على ما لم يكن علمه. وهو أنه لم يعلم: أنه توحيد خفي، وكنز من الكنوز. ولأنه لم يقل له: ما ذكرته، كنز من الكنوز، بل صرح بها، فقال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" تنبيها له: على هذا السر. انتهى.
قال أهل اللغة: "الحول": الحركة، والحيلة. أي: لا حركة، ولا استطاعة، ولا حيلة: إلا بمشيئة الله تعالى.
وقيل: معناه: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير: إلا بالله.
[ ص: 597 ] وقيل: لا حول عن معصية الله: إلا بعصمته. ولا قوة على طاعته: إلا بمعونته. قال النووي : وحكي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=10 "ابن مسعود". وكله متقارب. انتهى.
قلت: ولا مانع من إرادة: جميع هذه المعاني.
وفي إعرابه، ونحوه مما تكررت فيه: "لا النافية للجنس" مع اسمها: الوجوه الخمسة، المقررة في كتب العربية؛ فتح الأول والثاني معا. ورفعهما معا.
وفتح الأول، ورفع الثاني. وعكسه. وفتح الأول، ونصب الثاني.
[ ص: 598 ] قال أهل اللغة: ويعبر عن هذه الكلمة: بالحوقلة، والحولقة.
وبالأول: جزم الأزهري، والجمهور.
وبالثاني: جزم الجوهري.
ويقال أيضا: "لا حيل ولا قوة" في لغة عربية. حكاه الجوهري، وغيره.
[ ص: 599 ] قال في "مجمع الزوائد": ورجال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، رجال الصحيح. غير " عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب "، وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد. ووثقه " nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ". انتهى.
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " يرفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=915044 (لا حول، ولا قوة إلا بالله: دواء من تسعة وتسعين داء، أيسرها؛ الهم") . أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني . قال في "مجمع الزوائد": وفيه " بشر بن رافع الحارثي، وهو ضعيف، وقد وثق. وبقية رجاله: رجال الصحيح. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: صحيح الإسناد. والله أعلم.