(عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب، رضي الله عنهما؛ أن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: إذا أخذت مضجعك) بفتح الميم. أي: إذا أردت النوم، في مضجعك، وأردت أن تأتي موضع نومك: (فتوضأ وضوءك) : كوضوئك (للصلاة. ثم اضطجع على شقك) : بكسر الشين. أي: جانبك (الأيمن) .
فيه: ثلاث سنن مهمة، مستحبة، ليست بواجبة؛
إحداها: الوضوء عند إرادة النوم. فإن كان متوضئا: كفاه ذلك الوضوء، لأن المقصود: النوم على طهارة، مخافة: أن يموت في ليلته. وليكون أصدق لرؤياه، وأبعد من تلعب الشيطان به: في منامه، وترويعه إياه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: قال لي " nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ": لا تبيتن إلا على وضوء. فإن [ ص: 606 ] الأرواح: تبعث على ما قبضت عليه.
الثانية: النوم على الشق الأيمن، لأن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، كان يحب التيامن. ولأنه: أسرع إلى الانتباه، والاستيقاظ: لتعلق القلب إلى جهة اليمين، فلا يثقل بالنوم.
(ثم قل) هذا الدعاء: (اللهم ! إني أسلمت وجهي إليك) . وفي رواية أخرى: "أسلمت نفسي إليك". أي: استسلمت، وجعلت نفسي: منقادة لك، طائعة لحكمك. إذ لا قدرة لي على تدبيرها، ولا على جلب ما ينفعها: إليها. ولا على دفع ما يضرها: عنها.
قال أهل العلم: الوجه، والنفس - هنا - بمعنى "الذات كلها".
يقال: "سلم، وأسلم، واستسلم". بمعنى.
(وفوضت أمري إليك) . قال تعالى: { وأفوض أمري إلى الله } .
(وألجأت ظهري إليك) أي: توكلت عليك، لتعينني على ما ينفعني. واعتمدت في أمري كله، لتكفيني همه، وتتولى صلاحه. كما يعتمد الإنسان بظهره: إلى ما يسنده. ومن أسند إلى شيء: تقوى به.
(رغبة ورهبة إليك) أي: طمعا: في رفدك، وثوابك. وخوفا: من أليم عذابك، وشديد عقابك.
(لا ملجأ) أي: لا مهرب. (ولا منجا) أي: لا مخلص. (منك إلا إليك) .
قال الكرماني: هذان اللفظان إن كانا مصدرين: يتنازعان في "منك". وإن كانا ظرفين: فلا. إذ "اسم المكان". لا يعمل. وتقديره: لا ملجأ منك: إلا إليك. ولا منجا منك: إلا إليك.
ويجوز همز "منجا" للازدواج. وأن يترك الهمز فيهما. وأن يهمز المهموز، ويترك الآخر.
(آمنت) بكتابك. أي: القرآن (الذي أنزلت) على رسولك، صلى الله عليه وآله وسلم. وهو يتضمن: الإيمان بجميع كتب الله المنزلة.
(ونبيك) محمد، صلى الله عليه وآله وسلم: (الذي أرسلت) والإيمان به: مستلزم للإيمان بكل الأنبياء.
(واجعلهن: من آخر كلامك) ، تلك الليلة.
(فإن مت - من ليلتك -: مت، وأنت على الفطرة) أي: دين الإسلام.
لا يقال: إذا مات الإنسان على إسلامه، ولم يكن ذكر من هذه الكلمات شيئا: فقد مات على الفطرة. فما فائدة ذكر هؤلاء الكلمات؟
[ ص: 608 ] لأن الفطرة تتنوع. ففطرة القائلين: فطرة المقربين الصالحين. وفطرة الآخرين: فطرة عامة المؤمنين.
ورد: بأنه يلزم أن يكون للقائلين: فطرتان، فطرة المؤمنين، وفطرة المقربين.
وأجيب: بأنه لا يلزم ذلك. بل إن مات القائلون: فهم على فطرة المقربين. وغيرهم: لهم فطرة غيرهم. انتهى.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد "بني له بيت، في الجنة" بدل قوله: "مات على الفطرة".
(قال: فرددتهن، لأستذكرهن) ؛ أي: الكلمات؛ (فقلت: آمنت برسولك، الذي أرسلت. قال: "قل: آمنت بنبيك، الذي أرسلت") .
قال النووي : اختلف العلماء، في سبب إنكاره، صلى الله عليه وآله وسلم، ورده اللفظ؛ فقيل: إنما رده، لأن قوله: "آمنت برسولك": يحتمل غير النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، من حيث اللفظ.
واختار nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري، وغيره: أن سبب الإنكار: أن هذا ذكر ودعاء، فينبغي فيه: الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه. وقد يتعلق الجزاء: بتلك [ ص: 609 ] الحروف. ولعله أوحي إليه، صلى الله عليه وآله وسلم: بهذه الكلمات، فيتعين أداؤها بحروفها. وهذا القول حسن.
وقيل: لأن قوله: "ونبيك الذي أرسلت، فيه: جزالة من حيث صنعة الكلام. وفيه: جمع النبوة، والرسالة. فإذا قال: "رسولك الذي أرسلت": فات هذان الأمران، مع ما فيه من تكرير "لفظ رسول، وأرسلت". وأهل البلاغة: يعيبونه. ولا يلزم من الرسالة: "النبوة"، ولا عكسه.
قال: واحتج العلماء بهذا الحديث: لمنع الرواية بالمعنى. وجمهورهم: على جوازها، من العارف. ويجيبون عن هذا الحديث: بأن المعنى هنا، مختلف. ولا خلاف في المنع، إذا اختلف المعنى. انتهى.
قلت: لو قالوا: يمنع "رواية الدعاء، بالمعنى، ويجوز غيرها: لكان أجمع، وحصل به التوفيق بين المذهبين؛ فإن للفظ النبوة أثرا ليس في غيره، بخلاف غير الدعاء. فإن المراد هناك: تأدية المعنى الشرعي فقط. وقد سبق مثل هذا: عن nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري، قريبا. وحسنه النووي . والله أعلم.