(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) ، رضي الله عنه؛ (أن النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ كان يتعوذ) أي: تعبدا، وتواضعا، وتعليما للأمة. (من سوء القضاء) . أي: ما يسوء الإنسان، ويوقعه في المكروه.
[ ص: 657 ] ولفظ "السوء" ينصرف: إلى المقضي عليه، دون القضاء، وهو كما قال النووي : شامل للسوء: في الدين، والدنيا، والبدن، والمال، والأهل. وقد يكون ذلك: في الخاتمة. انتهى.
نسأل الله: العافية. ونسأله - بوجاهة وجهه الكريم -: أن يختم لنا، وللمسلمين: بخاتمة الحسنى، ويرفعنا: إلى المحل الأسنى.
وفي الاستعاذة من ذلك: ما يدل على أنه: لا يخالف الرضاء بالقضاء؛ فإن الاستعاذة، من سوء القضاء: هي من قضاء الله تعالى، وقدره. ولهذا: شرعها لعباده.
ومن هذا: ما ورد في "قنوت الوتر" بلفظ: "وقني شر ما قضيت".
والحاصل: أنها قد وردت السنة الصحيحة: ببيان أن القضاء - باعتبار العباد - ينقسم إلى قسمين: "خير، وشر". وأنه يشرع لهم: الدعاء بالوقاية من شره، والاستعاذة منه.
ولا ينافي هذا: ما ورد عنه، صلى الله عليه وآله وسلم - في بيان معنى الإيمان - لمن سأله عنه؛ بقوله: "والقدر خيره وشره"، كما هو ثابت في "الصحيحين، وغيرهما" من طرق؛ فإنه يمكن أن يكون الإنسان مؤمنا بما قضاه الله تعالى: من خير، وشر، مستعيذا بالله: من شر القضاء: عملا بمجموع الأدلة؛ فحديث الإيمان بالقضاء - كما دل على أنه: من [ ص: 658 ] جملة ما يصدق عليه مفهوم مطلق الإيمان -: دل على أن القضاء، منقسم إلى: ما هو خير، وإلى: ما هو شر، كما قال: "والقدر، خيره وشره".
ثم بين، صلى الله عليه وآله وسلم: بما "وقع منه: من الاستعاذة من شر القضاء": بأن ذلك جائز للعباد، بل سنة قويمة، وصراط مستقيم.
اللهم ! إنا نؤمن بقضائك، خيره وشره، ونعوذ بك: من شر ما قضيت. فقنا شره، وأعطنا خيره. يا من بيده: الخير والشر، والعطاء والمنع، والقبض والبسط ! اللهم ! آمين.
(ومن درك الشقاء) . المشهور فيه: "فتح الراء".
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض، وغيره: أن "بعض رواة nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ": رواه ساكنا. وهي لغة.
معناه: أعوذ بك: أن يدركني شقاء، في أمور الآخرة والدنيا.
"والشقاء": الهلاك. وقد يطلق: على السبب المؤدي إلى الهلاك.
قال الشوكاني : "الشقاء": شدة المشقة، في أمور الدنيا، وضيقها عليه، وحصول الضرر البالغ. في بدنه أو أهله. أو ماله.
وقد يكون باعتبار: الأمور الأخروية. وذلك بما يحصل عليه: من التبعة، والعقوبة، بسبب ما اكتسبه من الوزر، واقترفه من الإثم.
(ومن شماتة الأعداء) : هي "فرح العدو ببلية، تنزل بعدوه". يقال: [ ص: 659 ] منه: "شمت"، بكسر الميم، وشمت بفتحها، فهو "شامت". وأشمته غيره.
وقال في (تحفة الذاكرين) : هي فرح الأعداء، بما يقع على الشخص من المكروه، ويحل به من المحنة.
قال في الصحاح: "الشماتة": الفرح ببلية العدو. يقال: "شمت به" بالكسر، "يشمت": شماتة. "وبات فلان بليلة الشوءمة" أي بليلة: يشمت الشوامت. انتهى.
وفي القاموس: "شمت"، كفرح: شمتا، وشماتة: فرح ببلية العدو.
وفي النهاية: "شماتة الأعداء": فرح العدو ببلية، تنزل بمن يعاديه. انتهى.
[ ص: 660 ] وقيل: "بالفتح": كل ما أصاب الإنسان، من شدة المشقة.
و"بالضم": ما لا طاقة له بحمله، ولا قدرة له على دفعه. قال النووي : "الفتح": أشهر، وأفصح.
"والبلاء" بفتح الباء، مع المد - ويجوز الكسر، مع القصر -: وهو الحالة التي يمتحن بها الإنسان، بحيث يتمنى فيها: الموت، ويختاره عليها.
استعاذ منه: لأن ذلك - مع ما فيه: من المشقة على صاحبه -، قد يحصل به: التفريط في بعض أمور الدين. وقد يضيق صدره: لحمله، فلا يصبر. فيكون ذلك سببا للإثم.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12 "ابن عمر"؛ أنه فسره: بقلة المال، وكثرة العيال. وقال غيره: هي الحالة الشاقة.
(قال عمرو - في حديثه -: قال سفيان: أشك أني زدت: واحدة منها) .
وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري؛ قال سفيان: ثلاث زدت أنا واحدة"، أي: من قبل نفسي، ولا أدري: أيتهن هي؟". انتهى.
وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عنه، فبين فيه: أن "الخصلة المزيدة" هي: "شماتة الأعداء".
[ ص: 661 ] ولعل سفيان؛ كان إذا حدث: ميزها. ثم طال الأمر، فطرأ عليه النسيان. فحفظ بعض من سمع: تعيينها منه، قبل أن يطرأ عليه النسيان. ثم كان بعد أن خفي عليه تعيينها: يذكر: كونها مزيدة - مع إبهامها -.