وكذا لا نرضى بتأويل «الغضب»، المسند إليه تعالى. بل نكله إليه سبحانه، ونؤمن به كما جاء. وما لنا والخوض في معاني صفاته العليا، وذاته المقدسة ؟ وإن كان تأويل بعضهم: يوافق - في علم الله - بما أراد الله. ولكن لم يوجب الله، ولا رسوله، علينا: أن نؤول ما ورد في هذا الباب.
وأما النووي «رحمه الله تعالى»، فيسلك في ذلك: مسلك المتكلمين، ويمشي فيها مشي الخلف المؤولين). فيحرر مذهبهم «تحت كل حديث، من أحاديث الصفات»، ويطول، ويؤيد، ويقوي - عفا الله عنا وعنه: بمنه وكرمه - ومن هذا الوادي: ما قال هنا. وهو [ ص: 63 ] قوله: قال العلماء: «غضب الله، ورضاه) يرجعان إلى معنى «الإرادة».
فإرادته: الإثابة للمطيع، ومنفعة العبد: تسمى «رضا، ورحمة» وإرادته: عقاب العاصي، وخذلانه: تسمى «غضبا». وإرادته «سبحانه وتعالى»: صفة له قديمة، يريد بها: جميع المرادات.
قال: قالوا: والمراد «بالسبق، والغلبة هنا»: كثرة الرحمة، وشمولها. كما يقال: «غلب على فلان: الكرم، والشجاعة»: إذا كثرا منه. انتهى.