(عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: يطوي الله عز وجل. السموات، يوم القيامة. ثم يأخذهن بيده اليمنى. ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟).
قال: النووي: قال العلماء: المراد بقوله: «يقبض أصابعه ويبسطها»: النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا قال: إن «ابن مقسم، نظر إلى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، كيف يحكي رسول الله.. الخ».
وكنى عن ذلك باليدين: لأن أفعالنا تقع بهما. فخوطبنا بما نفهمه، ليكون أوضح وأوكد في النفوس.
وذكر اليمين والشمال، حتى يتم المثال. لأنا نتناول باليمين: ما نكرمه. وبالشمال: ما دونه. ولأن اليمين في حقنا: تقوى لما لا يقوى له الشمال.
ومعلوم: أن السموات: أعظم من الأرض، فأضافها إلى اليمين. والأرضين: إلى الشمال، ليظهر التقريب في الاستعارة. وإن كان الله [ ص: 125 ] سبحانه وتعالى، لا يوصف: بأن شيئا أخف عليه من شيء، ولا أثقل من شيء. هذا مختصر كلام nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري في هذا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وفي هذا الحديث ثلاثة ألفاظ: «يقبض، ويطوي، ويأخذ» كله بمعنى الجمع ؛ لأن السموات: مبسوطة، والأرضين: مدحوة، وممدودة. ثم يرجع ذلك إلى معنى: الرفع، والإزالة، وتبديل الأرض غير الأرض، والسموات. فعاد كله إلى: ضم بعضها إلى بعض، ورفعها، وتبديلها بغيرها.
قال: وقبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ أصابعه كلها، وبسطها: تمثيل لقبض هذه المخلوقات، وجمعها بعد بسطها. وحكاية للمبسوط والمقبوض، وهو السموات والأرضون. لا إشارة إلى القبض والبسط، الذي هو صفة القابض والباسط، سبحانه وتعالى، ولا تمثيل لصفة الله تعالى السمعية، المسماة «باليد» التي ليست بجارحة. انتهى كلام النووي، الذي حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري والقاضي.
وقد ذهب هؤلاء الثلاثة الكرام: إلى تأويل حديث الباب. ووافقوا فيه: المعتزلة المؤولين لليد: بالقدرة. وخالفوا: جمهور السلف عن آخرهم ؛ في إجراء هذه الصفة، وما في معناها، «التي تظاهرت بها [ ص: 126 ] الكتاب العزيز والسنة المطهرة: على ظاهرها» مع إقرارهم، وإقرار جميع المتكلمين المؤولين لأحاديث الصفات، وآياتها: بأن طريقة السلف. «أسلم» فيا لله العجب ! من تركهم: الطريق التي هي أسلم، وإيثارهم: طريقة الخلف، التي هي ليست على قاعدة سلف هذه الأمة وأئمتها. فلا تغتر أيها البشر بما يمر بك: من تأويلاتهم الرادة لظواهر النصوص، الصارفة لها عن معانيها الواضحة بلا برهان منصوص، وتبيان من دليل مرصوص. ولولا أن (كتاب الجوائز والصلات)، قد قضى الوطر عن مسائل هذا الباب: لطولنا البحث في إثبات مذاهب السلف، ورد طرائق الخلف. وهذا القدر من الإحالة على الكتاب المذكور: يغنيك - إن شاء الله تعالى - عند رجوعك إليه، وتعويلك بقلب صادق عليه.
ونحن، والله ! لا نرضى أبدا، ولم يرض أحد من الأئمة الماضين المحدثين والمجتهدين قط: بتأويل شيء من هذه الألفاظ المنورة: من القبض، والبسط، والطي، واليد، والأخذ باليمين والشمال. ولم يتحاش أحد منهم: من إطلاقها على الله عز وجل، الذي نطق بها في كتابه. ونطق بها رسوله في سنته. وهما طافحان بهذه الألفاظ، ونحوها من الصفات. وما لنا والخوض في ذلك، مع ورود المنع من الخوض في أمثال هذا ؟ عافانا الله تعالى من أن نكيف صفاته، ونمثل سماته، ونؤول نعوته. كما [ ص: 127 ] عافى سلفنا الصالح عن هذا. ووفقنا بالإيمان الصادق: بما جاء عنه سبحانه، وعن رسوله الصادق المصدوق، الأمين المأمون.
ومن زعم: أن إطلاق «ما أطلقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الله عز وجل، في مجالسه الشريفة، ومجامعه المنيفة»: ممنوع لنا، ومنهي عنه ؛ فقد أتى بابا كبيرا، من أبواب إساءة الأدب بالله وبرسوله. ولم يكن الله ولا رسوله، قط: عاجزين عن أن لا يأتيا بهذه الألفاظ الموهمة: للتجسيم والتشبيه. بل قالا ما يكون صريحا في التنزيه والتقديس.
فهذا الزعم - من أهل التأويل، والكلام -: من أبطل الباطلات، وأنكر المنكرات.
فنحن نسبحه ونقدسه: عن جميع سمات النقص، والزوال. ونثبت له: ما أثبته لنفسه المقدسة، ووصف به رسوله - فيما صح عنه، رواية - وهذا هو مختار جمهور السلف، ومشرب الصالحين من الخلف. ومن خالف ذلك: فقد خالف هذه الشريعة، بل الشرائع كلها. والمهدي: من هداه الله. والتوفيق بيده سبحانه.