قال النووي: المراد «بأردت» في الرواية الأولى: «طلبت منك، وأمرتك».
وقد أوضحه، في الروايتين الأخيرتين، بقوله: «قد سئلت أيسر». فيتعين تأويل «أردت» على ذلك، جمعا بين الروايات. لأنه يستحيل - عند أهل الحق - أن يريد الله تعالى شيئا، فلا يقع. قال: ومذهب أهل الحق، أن الله مريد لجميع الكائنات: خيرها وشرها. ومنها «الإيمان، والكفر». فهو سبحانه وتعالى: مريد لإيمان المؤمن، ومريد لكفر الكافر، خلافا للمعتزلة، في قولهم: إنه أراد إيمان الكافر، ولم يرد كفره. تعالى الله عن قولهم الباطل. فإنه يلزم من قولهم: «إثبات العجز في حقه سبحانه»، وأنه وقع في ملكه: ما لم يرده.
وأما هذا الحديث، فقد بينا تأويله.
وأما قوله: «فيقال له: كذبت». فالظاهر أن معناه، أن يقال له: «لو رددناك إلى الدنيا، وكانت لك كلها. أكنت تفتدي بها ؟، فيقول: نعم. فيقال له: كذبت. قد سئلت أيسر من ذلك، فأبيت.
[ ص: 141 ] أي: لو كان لهم - يوم القيامة - ما في الأرض جميعا، ومثله معه. وأمكنهم الاقتداء: لافتدوا.
قال: وفي الحديث دليل، على أنه يجوز أن يقول الإنسان: «الله يقول». وقد أنكره بعض السلف. وقال: يكره هذا. وإنما يقال: «قال الله». وقد تقدم فساد هذا المذهب. وتقدم أن الصواب: جوازه. وبه قال عامة العلماء: من السلف، والخلف.