قال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: وحدثته: أن بينك وبينها بابا مغلقا، يوشك أن يكسر. قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: أكسرا ؟ لا أبا لك! فلو أنه فتح: لعله كان يعاد. قلت: لا. بل يكسر.
وحدثته: أن ذلك الباب: رجل يقتل، أو يموت: حديثا ليس بالأغاليط.
[ ص: 260 ] قال أبو خالد: فقلت لسعد: يا أبا مالك! ما أسود مربادا ؟ قال شدة البياض، في سواد. قال: قلت فما الكوز مجخيا ؟ قال: منكوسا).
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه؛ قال: كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر. فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، يذكر الفتن ؟ فقال قوم: نحن سمعناه.
فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل، في أهله وماله، وجاره).
وفتنة الرجل في هذه: ضروب من فرط محبته لهم، وشحه عليهم، وشغله بهم: عن كثير من الخير. كما قال تعالى: إنما أموالكم وأولادكم فتنة .
أو لتفريطه: بما يلزم من القيام بحقوقهم، وتأديبهم، وتعليمهم. فإنه راع لهم، ومسئول عن رعيته.
وكذلك فتنة الرجل في جاره: من هذا. فهذه كلها: فتن تقتضي المحاسبة.
(قالوا: أجل. قال: تلك تكفرها الصلاة، والصيام، والصدقة. ولكن أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، يذكر التي تموج موج البحر ؟) أي: تضطرب، ويدفع بعضها بعضا.
قال جمهور أهل اللغة: «سكت، وأسكت» لغتان، بمعنى: (صمت).
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي: «سكت»: صمت، «وأسكت»: أطرق.
وإنما سكت القوم: لأنهم لم يكونوا يحفظون هذا النوع، من الفتنة.
وإنما حفظوا النوع الأول.
فقلت: أنا. قال: أنت، لله أبوك!) كلمة مدح، تعتاد العرب الثناء بها. فإن الإضافة إلى العظيم: تشريف. ولهذا، يقال: «بيت الله، وناقة الله».
قال صاحب التحرير: فإذا وجد من الولد ما يحمد، قيل له: «لله أبوك !» حيث أتى بمثلك.
[ ص: 262 ] (قال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، يقول: تعرض الفتن على القلوب) أي: تلصق (كالحصير)، يلصق بجنب النائم، ويؤثر فيه: شدة التصاقها (عودا عودا). هذان الحرفان، مما اختلف في ضبطه، على ثلاثة أوجه ؛ أظهرها وأشهرها: بضم العين، وبالدال. والثاني: بفتح العين، وبالدال. والثالث: بفتح العين، وبالذال المعجمة.
ولم يذكر صاحب التحرير: غير الأول. وأما nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض ؛ فذكر هذه الأوجه الثلاثة، عن أئمتهم. واختار الأول أيضا.
قال: واختار شيخنا «ابن سراج»: فتح العين والدال. قال: ومعناه: تعاد وتكرر، شيئا بعد شيء.
قال «ابن سراج»: ومعناه بالذال المعجمة: سؤال الاستعاذة منها. كما يقال: غفرا غفرا، وغفرانك. أي: نسألك أن تعيذنا من ذلك، وأن تغفر لنا.
[ ص: 263 ] وقال الأستاذ «ابن سليمان»: معناه: تظهر على القلوب. أي: تظهر لها فتنة بعد أخرى.
وقوله: «كالحصير» أي: كما ينسج الحصير «عودا عودا»، وشطبة بعد أخرى.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وعلى هذا يترجح رواية: «ضم العين». وذلك أن ناسج الحصير - عند العرب - كلما صنع عودا: أخذ آخر، ونسجه.
فشبه «عرض الفتن على القلوب» واحدة بعد أخرى: «بعرض قضبان الحصير، على صانعها» واحدا بعد واحد.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وهذا معنى الحديث، عندي. وهو الذي يدل عليه: سياق لفظه، وصحة تشبيهه. والله أعلم.
(فأي قلب أشربها: نكت فيه نكتة سوداء. وأي قلب أنكرها: نكت فيه نكتة بيضاء).
معنى «أشربها»: دخلت فيه دخولا تاما، وألزمها، وحلت منه: محل الشراب. ومنه قوله تعالى: وأشربوا في قلوبهم العجل أي: حب العجل.
ومنه قولهم: «ثوب مشرب بحمرة» أي: خالطته الحمرة، مخالطة لا انفكاك لها.
[ ص: 264 ] ومعنى «نكت نكتة»: نقط نقطة.
قال «ابن دريد»، وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه: فهو نكت.
ومعنى أنكرها: ردها. (حتى يصير على قلبين ؛ على أبيض مثل الصفا. فلا تضره فتنة، ما دامت السموات والأرض.
والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا. إلا ما أشرب من هواه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: ليس تشبيهه بالصفا: بيانا لبياضه. لكن صفة أخرى، لشدته على عقد الإيمان، وسلامته من الخلل. وأن الفتن: لم تلصق به، ولم تؤثر فيه، كالصفا. وهو الحجر الأملس، الذي لا يعلق به شيء.
«ومربادا» كذا هو في الرواية، وأصول بلاد النووي. وهو منصوب على الحال.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: خلافا في ضبطه، وأن منهم: من ضبطه كما ذكرناه.
ومنهم: من رواه: «مربئد» بهمزة مكسورة، بعد الباء. قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وهذه رواية أكثر شيوخنا. وأصله: أن لا يهمز. ويكون «مربد» [ ص: 265 ] مثل مسود، ومحمر. وكذا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد، والهروي، وصححه بعض شيوخنا، عن «مروان بن سراج». لأنه من «اربد». إلا على لغة من قال: «احمأر» بهمزة بعد الميم، لالتقاء الساكنين. فيقال: «اربأد ومربئد». والدال مشددة على القولين. وسيأتي تفسيره.
وأما قوله: «مجخيا»: فهو بميم مضمومة، ثم جيم مفتوحة، ثم خاء معجمة مكسورة". معناه: مائلا. كذا، قاله الهروي، وغيره.
وفسره الراوي - في الكتاب - بقوله: «منكوسا». وهو قريب من معنى «المائل».
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: قال لي «ابن سراج»: ليس قوله «كالكوز مجخيا»: تشبيها لما تقدم من سواده. بل هو وصف آخر من أوصافه: بأنه قلب نكس، حتى لا يعلق به خير، ولا حكمة. ومثله بالكوز المجخي. وبينه بقوله: «لا يعرف» إلخ.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: شبه القلب الذي لا يعي خيرا: بالكوز المنحرف، الذي لا يثبت الماء فيه.
وقال «صاحب التحرير»: معنى الحديث: أن الرجل إذا تبع هواه، أو ارتكب المعاصي: دخل قلبه «بكل معصية يتعاطاها»: ظلمة. وإذا [ ص: 266 ] صار كذلك افتتن، وزال عنه نور الإسلام. والقلب مثل الكوز، فإذا انكب: انصب ما فيه. ولم يدخله شيء بعد ذلك.
(قال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: وحدثته أن بينك وبينها: بابا مغلقا، يوشك أن يكسر.
قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: أكسرا، لا أبا لك ؟ فلو أنه فتح: لعله كان يعاد. قال: لا. بل يكسر).
أي: أيكسر كسرا ؟ فإن المكسور لا يمكن إعادته، بخلاف المفتوح.
ولأن الكسر: لا يكون غالبا، إلا عن إكراه وغلبة، وخلاف عادة.
وقوله: «لا أبا لك !» قال صاحب التحرير: هذه كلمة تذكرها العرب: للحث على الشيء.
ومعناها: إن الإنسان إذا كان له أب، وحزبه أمر، ووقع في شدة: عاونه أبوه، ورفع عنه بعض الكل، فلا يحتاج من الجد والاهتمام: إلى ما يحتاج إليه حالة الانفراد، وعدم الأب المعاون.
فإذا قيل: «لا أبا لك». فمعناه. جد في هذا الأمر وشمر، وتأهب تأهب من ليس له معاون. والله أعلم.
(وحدثته: أن ذلك الباب: رجل يقتل، أو يموت: حديثا ليس بالأغاليط).
[ ص: 267 ] أما الرجل الذي يقتل، فقد جاء مبينا في الصحيح: أنه nindex.php?page=showalam&ids=2«عمر بن الخطاب»، رضي الله عنه.
وقوله: «أو يموت» يحتمل: أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=21«حذيفة» رضي الله عنه ؛ سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (هكذا على الشك). فالمراد به: الإبهام على nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة، وغيره.
ويحتمل أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=21«حذيفة» علم: أنه يقتل. ولكنه كره: أن يخاطب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالقتل. فإن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، كان يعلم أنه هو الباب. كما جاء مبينا في الصحيح: (أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان يعلم من الباب، كما يعلم أن قبل غد الليلة). فأتى nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بكلام، يحصل منه الغرض. مع أنه ليس إخبارا nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر، بأنه يقتل.
وأما «الأغاليط»: فجمع «أغلوطة». وهي التي يغالط بها. فمعناه: حدثته حديثا صدقا محققا، ليس هو من صحف الكتابين، ولا من اجتهاد ذي رأي. بل من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(قال أبو خالد: فقلت لسعيد: يا أبا مالك ! ما أسود مربادا ؟
[ ص: 268 ] فقال: شدة البياض، في سواد).
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: كان بعض شيوخنا، يقول: إنه تصحيف. وهو قول القاضي «أبي الوليد الكناني».
قال: أرى أن صوابه: «شية البياض، في سواد». وذلك: أن شدة البياض في سواد: لا يسمى «ربدة». وإنما يقال لها: «بلق»، إذا كان في الجسم. وحورا: إذا كان في العين.
«والربدة إنما هو شيء من بياض يسير، يخالط السواد، كلون أكثر النعام.
ومنه: قيل للنعامة: ربدا. فصوابه: شية البياض، لا شدة البياض.
[ ص: 269 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد عن أبي عمرو: «والربدة»: لون بين السواد والغبرة.
وقال «ابن دريد»: الربدة: لون أكدر. وقال غيره: هي أن يختلط السواد بكدرة.
وقال الحربي: لون النعام: بعضه أسود، وبعضه أبيض. ومنه: «اربد لونه»، إذا تغير، ودخله سواد.
وقال «نفطويه): المربد: الملمع بسواد وبياض. ومنه: «تربد لونه». أي: تلون. والله أعلم.
(قال: قلت: فما الكوز مجخيا ؟ قال: منكوسا) تقدم الكلام على ذلك قريبا. فراجعه.
وحديث الباب هذا، رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا: مختصرا، في آخر الصحيح. وأورده النووي، في (كتاب الفتن، وأشراط الساعة) فليعلم. والله أعلم.