[ ص: 285 ] وإني سألت ربي لأمتي: أن لا يهلكها بسنة عامة. وأن لا يسلط عليهم عدوا، من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم.
وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد. وإني أعطيتك، لأمتك: أن لا أهلكهم: بسنة عامة. وأن لا أسلط عليهم: عدوا، من سوى أنفسهم: يستبيح بيضتهم. ولو اجتمع عليهم: من بأقطارها -أو قال: من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم: بعضا" ).
وأعطيت الكنزين: الأحمر، والأبيض) أي: الذهب والفضة. والمراد: كنزي nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى، وقيصر، ملكي العراق والشام.
قال النووي : فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة، يكون معظم امتداده: في جهتي المشرق، والمغرب .
قال: وهكذا وقع. وأما في جهتي الجنوب والشمال: فقليل، بالنسبة إليهما.
[ ص: 286 ] قال: وصلوات الله، وسلامه: على رسوله، الصادق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
(وإني سألت ربي لأمتي: أن لا يهلكها بسنة عامة) أي: بقحط يعمهم. بل إن وقع قحط، فيكون في ناحية يسيرة، بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام.
(وأن لا يسلط عليهم: عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم) أي: جماعتهم، وأصلهم.
"والبيضة" أيضا: العز، والملك.
(وإن ربي، قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد. وإني أعطيتك، لأمتك: أن لا أهلكهم: بسنة عامة، ولا أسلط عليهم: عدوا من سوى أنفسهم: يستبيح بيضتهم. ولو اجتمع عليهم -من بأقطارها- أو قال: من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضا. ويسبي بعضهم: بعضا).
[ ص: 287 ] كلها، بحمد الله تعالى، كما أخبر به، صلى الله عليه وآله وسلم. فلله الحمد والشكر: على جميع نعمه. انتهى.
قلت: وفيه بشارة عظمى، لغرباء هذه الأمة المرحومة. في بقائها إلى آخر الدهر، وعدم فنائها، بكلها: على أيدي الظلمة الكفرة الفجرة، من أي موضع كانوا، وعلى أي قطر من أقطار الإسلام حملوا، وأرادوا استيصال المسلمين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16604 "ابن المديني": هم أصحاب الحديث. قلت: وهذا علم من أعلام النبوة. فإني رأيت كثيرا "بعيني" وسمعت غزيرا "بأذني": خذل أهل الرأي وغيرهم: أهل الحديث وجهدهم: في اضمحلال طريقة هؤلاء. ولكن لا تزال طائفة من العلماء بالسنة: ظاهرة على من يخالفهم، في كل عصر من الأعصار. وفي كل قطر من الأقطار.
وهذا مشاهد، وعليه من كتب طبقات المحدثين: شاهد. والحديث المذكور، قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: حسن صحيح.
ويحتمل أن يكون المراد بهذه الأمة، القائمة بأمر الله، وهذه الطائفة المنصورة: العموم. فيدخل فيها: السلاطين العادلون، والأئمة المجاهدون، وكل من نفعه في الإسلام ظاهر: من علماء الدين وغيرهم.