وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: "ويح" كلمة ترحم: "وويس" تصغيرها، أي: أقل منها في ذلك .
قال الهروي: "ويح" يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، فيترحم بها عليه، ويرثى له. و"ويل": لمن يستحقها.
[ ص: 304 ] وقال الفراء: "ويح، وويس" بمعنى: "ويل".
وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه: "ويح": باب رحمة. وويل: باب عذاب.
وقال : "ويح" كلمة زجر، لمن أشرف على الهلكة. و"ويل": لمن وقع فيها. والله أعلم.
"والفئة": الطائفة، والفرقة.
قال أهل العلم: هذا الحديث حجة ظاهرة، في أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كرم الله وجهه، كان محقا مصيبا. والطائفة الأخرى: بغاة. لكنهم مجتهدون، فلا إثم عليهم لذلك. كما تقدم في مواضع؛ منها: هذا الباب.
ولا ينبغي لأحد من المسلمين: أن يخوض في مشاجرات الصحابة، رضي الله عنهم.
فإن الخوض فيها: يفضي إلى شكوك، وأوهام مهلكة له، ومفسدة لإيمانه.
بل الأولى: أن يفوض هذا الأمر، إلى من قدره عليهم، وقضاه. وهو الله سبحانه.
وتلك أمة؛ قد طهر الله أيدينا عن دمائها. فلنطهر قلوبنا وألسنتنا عنها. ولا ندخل في: كيف؟ ولم؟ هذا هو المذهب الحق المختار.
وقد سئل شيخنا: الإمام العلامة "محمد بن علي الشوكاني"، رضي الله عنه: عن المذهب الحق، في شأن ما شجر بين الصحابة، في الخلافة وما يترتب عليها؟
فأجاب في "الفتح الرباني"، بما نصه؛ أقول: إن كان هذا السائل، طالبا للنجاة، مستفهما عن أقرب الأقوال إلى مطابقة مراد مولاه، كما يشعر بذلك تصرفه في سؤاله: فليدع الاشتغال بهذا الأمر، ويترك [ ص: 306 ] المرور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، وتحيرت عنده أبصار أهل الأبصار.
فإن هؤلاء، الذين يبحث عن حوادثهم، ويتطلع لمعرفة ما شجر بينهم: قد صاروا تحت أطباق الثرى، ولقوا ربهم في المائة الأولى من البعثة. وها نحن الآن في المائة الثالثة عشر. فما لنا، والاشتغال بهذا الشأن، الذي لا يعنينا؟
وأي فائدة لنا، في الدخول في الأمور التي فيها ريبة؟ وقد أرشدنا إلى أن ندع ما يريبنا: إلى ما لا يريبنا.
و يكفينا من تلك القلاقل والزلازل: أن نعتقد أنهم خير القرون، وأفضل الناس. وأن الخارجين على أمير المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=8علي، رضي الله عنه، المحاربين له، المصرين على ذلك، الذين لم تصح توبتهم: بغاة. وأنه المحق، وهم المبطلون.
وما زاد على هذا المقدار: فمن الفضول، الذي يشتغل به من لا يبالي بدينه.
فرحم الله امرءا يشتغل بالقيام: بما أوجبه الله عليه، وطلبه منه. وترك: ما لا يعود عليه بنفع، لا في دنيا ولا في آخرة، بل يعود عليه: بالضر. لو لم يكن من الضر، إلا مجرد مخالفة ما أرشدنا إليه رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ بقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=907330 "من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه". فهذا، والله! مما لا يعنينا.
ومن ظن خلاف هذا: فهو مغرور، مخدوع، قاصر الباع عن إدراك الحقائق، ومعرفة الحق على وجهه: كائنا من كان.
والله! لو جاء أحدهم -يوم القيامة-: بما يملأ الدنيا من [ ص: 308 ] الحسنات: ما كان لنا من ذلك شيء.
ولو جاء أحدهم -وصانهم الله-: بما يملأ الدنيا من السيئات: ما كان علينا من ذلك شيء. ففيم التعب؟ وعلام تضييع الأوقات، في هذه الترهات؟
هذا آخر كلامه ، رحمه الله تعالى. وله من الصدق: حلاوة. وعليه من نور الحق: طلاوة. وإن أعلاه لمغدق، وإن أسفله لمثمر.
وبالجملة: الجواب عن هذه المسألة: أن الإمساك عن الكلام فيها: أولى، وسد هذا الباب الذي لا يستفاد من فتحه إلا ما لم يتعبد الله به عباده-: أسلم وأحرى.
وكلام الطوائف في ذلك: معروف. وكل حزب بما لديهم: فرحون.
والحق: ما بين المقصر، والغالي. والصواب: في التوسط بين جانبي الإفراط والتفريط.
وقد كان بايع nindex.php?page=showalam&ids=8عليا، رضي الله عنه: من بايع nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، رضي الله عنهما. وشذ عن بيعته: من شذ، بلا حجة شرعية. وطلبوا أن يمكنهم: من قتلة nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان، رضي الله عنه؛ فقال: إن الحكم فيهم إلى الإمام -وهو إذ ذاك: الإمام-.
فرحم الله امرءا قال خيرا، أو صمت. وأقمى من زاد على هذا وتعدى.
ويكفي في كفر الرافضة، قوله تعالى: ليغيظ بهم الكفار وورود الخبر عن سيد البشر بقتلهم، وأنهم مشركون.
وكذلك الخوارج، فإنهم "كلاب النار".
وليست "الفرقة الناجية"، إلا التي هي على ما كان عليه رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه الذين هم خير القرون. وهذا منصوص السنة الصحيحة، وليس بعد بيان الله وبيان رسوله، صلى الله عليه وآله وسلم: بيان. ولا قرية بعد "عبادان".
وإن كان كل فرقة من الفرق الضالة المضلة: تزعم أنها ناجية، وأنها على الحق. ولكن لا يساعد كلام النبوة، إلا للمتبعين بالكتاب والسنة.