221 باب نزول عيسى بن مريم "عليه السلام"، وكسر الصليب، وقتل الخنزير
وذكره النووي ، في الجزء الأول، في: (باب بيان نزول عيسى بن مريم حاكما: بشريعة نبينا، صلى الله عليه وآله وسلم، وإكرام الله تعالى هذه الأمة "زادها الله شرفا"، وبيان الدليل على أن هذه الملة لا تنسخ، وأنه لا تزال طائفة منها ظاهرين على الحق، إلى يوم القيامة).
(حديث الباب) وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم النووي ، ص192 ج2، المطبعة المصرية
(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: والله! لينزل ابن مريم حكما عادلا) أي: ينزل حاكما بهذه الشريعة، لا ينزل نبيا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة، بل هو حاكم من حكام هذه الأمة عادل.
(فليكسر الصليب) أي: يكسره حقيقة، ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه.
(وليضعن الجزية). قال النووي : الصواب في معناه: أنه لا يقبلها، ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل منهم الجزية: لم يكف عنه بها. بل لا يقبل إلا الإسلام، أو القتل. هكذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره من العلماء، رحمهم الله تعالى. وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن بعض العلماء معنى هذا، ثم قال: وقد يكون فيض المال هنا من وضع الجزية، وهو ضربها على جميع الكفرة. فإنه لا يقاتله أحد فتضع الحرب أوزارها. وانقياد جميع الناس له: إما بالإسلام، وإما بإلقاء يد فيضع عليه الجزية، ويضربها. انتهى .
قال النووي : وليس بمقبول. والصواب ما قدمناه؛ وهو أنه لا يقبل منه إلا الإسلام. فعلى هذا قد يقال: هذا خلاف حكم الشرع اليوم، فإن الكتابي إذا بذل الجزية: وجب قبولها ولم يجز قتله، ولا إكراهه على الإسلام.
وجوابه: أن هذا الحكم ليس بمستمر إلى يوم القيامة، بل هو مقيد بما قبل نزول عيسى عليه السلام. وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم (في هذه الأحاديث الصحيحة): بنسخه. وليس عيسى عليه السلام هو [ ص: 483 ] الناسخ، بل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، هو المبين للنسخ. فإن عيسى يحكم بشرعنا، فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت: هو شرع نبينا، صلى الله عليه وآله وسلم.
(وليتركن القلاص) بكسر القاف: (جمع قلوص بفتحها) وهي من الإبل: كالفتاة من النساء، والحدث من الرجال.
ومعناه: يزهد فيها، ولا يرغب في اقتنائها: لكثرة الأموال، وقلة الآمال، وعدم الحاجة، والعلم بقرب القيامة.
وإنما ذكرت "القلاص": لكونها أشرف الإبل، التي هي أنفس الأموال عند العرب. وهو شبيه بمعنى قول الله عز وجل: وإذا العشار عطلت .
(فلا يسعى عليها) معناه: لا يعتني بها. أي: يتساهل أهلها فيها، ولا يعتنون بها. هذا هو الظاهر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض وصاحب المطالع: معناه: لا تطلب زكاتها، إذ لا يوجد من يقبلها. وهذا تأويل باطل من وجوه كثيرة، تفهم من هذا الحديث وغيره. بل الصواب: ما قدمناه، والله أعلم. قاله النووي .