«أذن » : بكسر الذال . قال النووي : قال العلماء : «أذن » في اللغة الاستماع .
ومنه قوله تعالى : «وأذنت لربها » .
قالوا : ولا يجوز : أن تحمل - هنا - على الاستماع بمعنى «الإصغاء » ؛ فإنه يستحيل على الله تعالى ، بل هو مجاز . ومعناه «الكناية » : عن تقريبه القاري ، وإجزال ثوابه . لأن سماع الله تعالى : [ ص: 606 ] لا يختلف ، فوجب تأويله . انتهى .
وأقول : هذا الذي قاله النووي ، لا أرتضي به . فإن الحديث : صريح واضح في الاستماع ، وثبوت الإذن . «وصفة السمع والبصر » : صفتان مستقلتان ، كما أن «العين ، واليد ، والقدم ، والساق ، ونحوها » : صفات مستقلة ، نطق بها الأدلة الصحيحة ، المحكمة ، الثابتة في الكتاب والسنة . ولا ملجئ إلى تأويله ، كما لا ملجئ لتأويلها ، بل حكم جميع الصفات «أي صفة كانت » : حكم واحد ، لا سبيل لنا إلى كشف إجرائها ، غير الإيمان بها : بلا كيف ، ولا تعطيل ، ولا تشبيه ، ولا تمثيل .
ومعنى «يتغنى بالقرآن » - عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأصحابه ، وأكثر العلماء : من الطوائف وأصحاب الفنون - : يحسن صوته به .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : «يستغني به » . أي : عن الناس . وقيل : عن غيره من الأحاديث والكتب .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : القولان منقولان عن « nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة » . قال : يقال : «تغنيت ، وتغانيت » بمعنى : «استغنيت » .
ولا شك أن المراد بالتغني : ما كانوا يتغنون به ، على عهد النبوة . أي قدر ما يحسنون الصوت ، ويجهرون به ، لا هذه الأصول المحدثة [ ص: 608 ] للتجويد والتبديل ، التي يتعاطاها القراء ، ويحصل لهم بها : عوج الفم ، والأنف ، والعين ، والشفتين ، وزعج في الأطراف والأعضاء . فهذه بدعة ، بقيت فيها أصحابها . وتفصى وتفلت ، وانفصل ، القرآن بسببها : من صدور الرجال ، أشد تفصيا من النعم بعقلها .