(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة» رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ) . «آمن» بالمد وفتح الميم. «ومثله» مرفوع.
وأما معجزتي العظيمة الظاهرة فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله؛ فلهذا قال: (وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ) .
[ ص: 127 ] وقيل: معناه: أن الذي أوتيته لا يتطرق إليه تخييل بسحر وشبهة؛ بخلاف معجزة غيري، فإنه قد يخيل الساحر بشيء مما يقارب صورتها.
كما خيلت السحرة في صورة عصى موسى عليه السلام. «والخيال» قد يروج على بعض العوام.
والفرق بين «المعجزة والسحر والتخييل» . يحتاج إلى فكر ونظر؛ وقد يخطئ الناظر فيعتقدهما سواء.
وقيل: معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، ولم يشاهدها إلا من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن المستمر إلى يوم القيامة مع خرق العادة في أسلوبه، وبلاغته، وإخباره بالمغيبات، وعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله، مجتمعين؛ أو متفرقين: في جميع الأعصار مع اعتنائهم بمعارضته، فلم يقدروا، وهم أفصح القرون، مع غير ذلك من وجوه إعجازه المعروفة.
قلت: ولا مانع من إرادة الجميع في معنى هذا الحديث، وبحث إعجاز القرآن ذكرناه في آخر كتابنا. «البلغة إلى أصول اللغة» فراجع.
وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فإنه أخبر صلى الله عليه وسلم بهذا في زمن قلة المسلمين؛ ثم من الله تعالى وفتح على المسلمين البلاد وبارك فيهم حتى انتهى الأمر واتسع الإسلام إلى هذه الغاية المعروفة، ولله الحمد على هذه النعمة وسائر نعمه التي لا تحصى، وبالله التوفيق.