(الشرح) .

(عن أنس ) بن مالك رضي الله عنه، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة ) أي: نام.

(ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "أنزلت علي آنفا" ) أي: قريبا.

وهو بالمد. ويجوز القصر في لغة قليلة.

("سورة" فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إن شانئك ) .

"الشانئ": المبغض.

هو الأبتر، أي: المنقطع العقب. أو المنقطع عن كل خير.

(ثم قال: "أتدرون ما الكوثر؟" فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال:

[ ص: 338 ] "فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل. عليه خير كثير. هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة. آنيته عدد النجوم. فيختلج العبد منهم". ) أي: ينتزع، ويقتطع.

فأقول: "رب! إنه من أمتي؛ فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك؟" ) .

وفي رواية: "ما أحدث" وفيها "بين أظهرنا في المسجد".

قالوا: هذه السورة نزلت في العاص بن وائل.

"والكوثر" هنا نهر في الجنة. كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم.

وهو في موضع آخر؛ عبارة عن الخير الكثير.

وهو في هذا الحديث: أن البسملة في أوائل السور من القرآن. وهو مقصود مسلم، بإدخال الحديث هنا.

ولا منافاة بين هذا وبين الذي تقدم، وأنهما من رواية صحابي واحد. لإمكان الجمع بينهما.

وهو: أن لا يجهر بالبسملة في غير الجهرية. ولا صراحة فيه بعدم كونها من القرآن.

وعدم سماع قراءتها شيء وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث شيء آخر.

[ ص: 339 ] وفي هذا الحديث جواز النوم في المسجد. وجواز نوم الإنسان بحضرة أصحابه.

وأنه إذا رأى التابع من متبوعه تبسما، أو غيره، مما يقتضي حدوث أمر، يستحب له أن يسأل عن سببه.

"وفيه" إثبات الحوض. والإيمان به واجب.

"وفيه" إخبار عن إحداث الأمة صلى الله عليه وسلم بعده. وهو علم من أعلام النبوة. وقد وقع كما أخبر.

وأحدثت أمته بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ما أحدثت مما يطول ذكره، ويعسر ضبطه.

حتى أفضى بهم ذلك الإحداث إلى الإشراك بالله، وعبادة الأولياء، وفساد العقائد، والأعمال، والنيات.

وأخرجهم عدوهم إبليس إلى أنواع من الضلالة والبدعة، ورفض الكتاب والسنة.

وتقديم أقوال الأحبار والرهبان على محكمات الحديث والقرآن. وتأثيرها على واضحات الإيمان، وظاهرات الإحسان، وبينات الإسلام.

وكان أمر الله قدرا مقدورا .