(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) ؛ رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى. ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه السلام. قال: "ارجع فصل. فإنك لم تصل" فرجع الرجل فصلى، كما كان صلى. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام" ) .
فيا عجبا لمن لم يقل بفرضية هذا الركن! وتلاعب به في صورته، وترك ما هو الشرع الواضح، والركن الذي لا صلاة لمن لم يأت به فيها.
"ثم افعل ذلك في صلاتك كلها".
"وفيه": الرفق بالمتعلم، والجاهل، وملاطفته، وإيضاح المسألة له، وتلخيص المقاصد، والاقتصار في حقه على المهم، دون المكملات التي لا يتحمل حاله حفظها، والقيام بها.
ووجه الدلالة؛ أنه قال: علمني يا رسول الله! فعلمه الصلاة، واستقبال القبلة، والوضوء. وليسا من الصلاة لكنهما واجبان.
وهذا الحديث مشتمل على فوائد كثيرة. ومحمول على بيان الواجبات، دون السنن.
فإن قيل: لم يذكر فيه كل الواجبات، فقد بقي منها أشياء مجمع عليها، ومختلف فيها.
فالجواب: أن لهذا الحديث طرقا وألفاظا في الصحيحين، وغيرهما، جمعت جملة الواجبات. إذ هي منحصرة فيه.
إلا ما ورد فيه دليل على وجوبه بعده، فما عدا ذلك ليس بواجب.
فإن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه فعله، وأرشد إليه، كان ذلك سنة ثابتة، وطريقة نبوية.
فإن لازمه، أو أرشد إليه إرشادا مؤكدا، كان ذلك له مزيد خصوصية، لما وقع له من اعتنائه صلى الله عليه وسلم بشأنه.
[ ص: 351 ] فاحفظ هذا تسلم من تخليطات المخلطين، وتخبطات المتخبطين، الذين خلطوا الشرع الصافي بالاصطلاحات الحادثة، المتواضع عليها بين طائفة من الناس.
والحديث يدل على بطلان صلاة من أخل بشيء، مما هو مذكور في حديث المسيء بطرقه وألفاظه.
وقد جمعنا ذلك في كتابنا "دليل الطالب" فراجع.
وأما الاستدلال على عدم البطلان بقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في بعض طرق حديثه، بعد تعليمه: "إذا انتقصت من ذلك شيئا، فقد انتقصته من صلاتك" فلا دلالة له على ذلك.
لأن انتقاصه من صلاته، بترك ركن من أركانها، يخرجها عن الصلاة المطلوبة للشارع.
وقد قال لهذا المسيء نفسه: "ارجع فصل فإنك لم تصل". وهذا يوجب حمل الانتقاص على الإبطال للصلاة، جمعا بين الروايتين.
قال الشوكاني في "السيل الجرار": ولأهل الرأي في عدم إيجاب الطمأنينة، كلام يعرف فساده من يعرف الاستدلال، ويدري بكيفيته.
وقد أفضى ذلك إلى أن يصلي غالب عامتهم، وبعض خاصتهم، صلاة لا ينظر الله إلى صاحبها، ولا تجزيه. كما نطق بذلك رسول صلى الله عليه وسلم.
فكانت هذه الرزية النازلة بهم، هي ثمرتهم المستفادة، من تقليدهم. انتهى.
[ ص: 352 ] وقد استدرك nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني على إسناد حديث الباب.
وتعقبه النووي عليه. وقال: فحصل أن الحديث صحيح لا علة فيه. ولو كان الصحيح ما رواه الأكثرون لم يضر في صحة المتن.
ومقصودي بهذا: أن لا يغتر بذكر nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني، أو غيره، له في : الاستدراكات. والله عز وجل أعلم.