وعامة الفقهاء على أنها من مكارم الأخلاق: وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 164 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=855558«جائزته يوم وليلة» . «والجائزة» : العطية والمنحة والصلة، وذلك لا يكون إلا مع الاختيار. وقوله صلى الله عليه وسلم: «فليكرم وليحسن» يدل على هذا أيضا. إذ ليس يستعمل مثله في الواجب، مع أنه مضموم إلى الإكرام للجار، والإحسان إليه، وذلك غير واجب. وتأولوا الأحاديث بأنها كانت في أول الإسلام، إذ كانت المواساة واجبة.
واختلفوا: هل الضيافة على الحاضر والبادي؟ أم على البادي خاصة؟ «فذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومحمد بن الحكم إلى أنها عليهما» وقال: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وسحنون: «إنما ذلك على أهل البوادي» لأن المسافر يجد في الحضر «المنازل» وما يشتري في الأسواق.
وقد تتعين الضيافة لمن اجتاز محتاجا وخيف عليه. وعلى أهل الذمة إذا اشترطت عليهم.
هذا حاصل كلام nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض «رح» . والتحقيق في هذه المسألة ما ذكره القاضي العلامة، محمد بن علي الشوكاني «رح» في مختصره: وهو أنه، يجب على من وجد ما يقري به من نزل من الضيوف، أن يفعل ذلك.
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحوه، وإسناده صحيح. وفي الباب أحاديث.
قال: وقال الجمهور «الجائزة» هي: «العطية، والصلة» ، وأصلها «الندب» ولا يخفى أن هذا اللفظ، لا ينافي الوجوب، وأدلة الباب مقتضية لذلك. لأن التغريم، لا يكون للإخلال بأمر مندوب، وكذلك قوله «واجبة» ، فإنه نص في محل النزاع، وكذلك قوله «فما كان وراء ذلك فهو صدقة» .
معناه: أنه إذا أراد أن يتكلم؛ فإن كان ما يتكلم به خيرا محققا يثاب عليه، واجبا أو مندوبا فليتكلم. وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه، فليمسك عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام، أو مكروه، أو مباح مستوي الطرفين. فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا [ ص: 166 ] بتركه، مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره، إلى المحرم أو المكروه؛ وهذا يقع في العادة كثيرا أو غالبا؛ وقد قال تعالى:
واختلف السلف والعلماء في أنه: هل يكتب جميع ما يلفظ به العبد، وإن كان مباحا، لعموم الآية. أم لا يكتب إلا ما فيه جزاء، من ثواب وعقاب؟
وإلى الثاني ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره من أهل العلم، وعلى هذا تكون الآية مخصوصة، أي: ما يلفظ من قول يترتب عليه جزاء.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أخذا لمعنى الحديث: إذا أراد أن يتكلم، فليفكر، فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه، تكلم. وإن ظهر له فيه ضرر، أو شك فيه، أمسك.
وللسكوت والصمت، فوائد كثيرة، لا يعلمها إلا من سكت، «ومن سكت نجا» .
وللكلام آفات، يعرفها من ابتلي بها؛ وبالجملة يفضل السكوت على [ ص: 167 ] الكل على العلات، إلا ما كان من ذكر الله، وتلاوة كتابه؛ ورواية حديث رسوله، وقراءة شروح علم السنة المطهرة، وما يعين عليها من العلوم الآلية وبالله التوفيق.