(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة ) ، ومعناه: «ينضم ويجتمع» هذا هو المشهور عند أهل اللغة والغريب. وقيل في معناه غير هذا مما لا يظهر.
(كما تأرز الحية إلى جحرها ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: معناه: أن الإيمان أولا وآخرا بهذه الصفة؛ لأنه في أول الإسلام، كان كل من خلص إيمانه، وصح إسلامه، أتى المدينة إما [ ص: 183 ] «مهاجرا مستوطنا» ، وإما «متشوقا إلى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتعلما منه ومتقربا» ، ثم بعده هكذا في زمن الخلفاء. لذلك، ولأخذ سيرة العدل منهم، والاقتداء بجمهور الصحابة فيها، ثم من بعدهم من العلماء الذين كانوا سرج الوقت، وأئمة الهدى، لأخذ السنن المنتشرة بها عنهم.
فكان كل ثابت الإيمان، منشرح الصدر به، يرحل إليها.
ثم بعد ذلك في كل وقت إلى زماننا، لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والتبرك بمشاهده، وآثاره، وآثار أصحابه الكرام؛ فلا يأتيها إلا مؤمن.
[ ص: 184 ] أي: أن الإسلام، بدأ بالمدينة غريبا، وسيعود إليها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: ظاهر الحديث العموم، وأن الإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشر وظهر؛ ثم يلحقه النقص والإخلال حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة أيضا كما بدأ.
وجاء في الحديث تفسير «الغرباء» وهم «النزاع» ، من القبائل انتهى.
وهذا معنى صحيح يناقض قوله الأول فتأمل.
قال الهروي: أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله تعالى؛
طوبى لقوم هاجروا وتوطنوا تلك الديار معادن الإيمان
قلت: فيكون المراد بضمه واجتماعه إلى المدينة، هجرة أهل الإيمان في آخر الزمان، للإقامة «بها» ، لكثرة الفساد في غيرها من البلاد، كما يشاهد اليوم؛ فيأرز الإيمان بهذا العنوان إليها.
وأما السفر للزيارة إلى قبره صلى الله عليه وسلم فلا يدخل في هذا الحديث بحال، عند من يعرف المدارك الشرعية كيف والزيارة، وإيثار السفر لها، لم تنقطع منذ بدأت في الزائرين، وإن كان السفر له غير ثابت بالأدلة الصحيحة.
نعم «شد الرحل» ، إلى مسجده صلى الله عليه وسلم ثابت بالخبر الصحيح، والزيارة مغمورة فيه؛ ولا يظن بأحد من أهل الإسلام، أن يسافر إلى المسجد النبوي ويترك زيارته التي هي من أفضل الزيارات، وأجمل القربات، وبالله التوفيق. وإنما الأعمال بالنيات.