وهو بصحيح مسلم \ النووي ص185-189 ج المطبعة المصرية
[عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=658490دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث. فاضطجع على الفراش. وحول وجهه. فدخل أبو بكر فانتهرني. وقال: مزمار الشيطان، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهما، فخرجتا. وكان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب. فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما قال: "تشتهين تنظرين؟" فقلت: نعم. فأقامني وراءه. خدي على خده. وهو يقول: "دونكم يا بني أرفدة!" حتى إذا مللت، قال "حسبك؟" قلت: نعم. قال: "فاذهبي". .]
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ) ، رضي الله عنها، (قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث) .
وفي رواية أخرى: (جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان ما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث. وليستا مغنيتين) .
وفيه: أن هذه الأيام، داخلة في أيام العيد. وحكمه جار عليها، في كثير من الأحكام: كجواز التضحية، وتحريم الصوم، واستحباب التكبير، وغير ذلك.
(فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "دعهما". فلما غفل غمزتهما، [ ص: 222 ] فخرجتا. وكان يوم عيد، يلعب السودان بالرق والحراب. فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما قال: "تشتهين تنظرين؟" فقلت: نعم. فأقامني وراءه. خدي على خده، وهو يقول: "دونكم يا بني أرفدة!"، حتى إذا مللت، قال: "حسبك؟". قلت: نعم. قال: "فاذهبي".)
وهو حديث حسن. رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وغيره.
[ ص: 223 ] وعلى هذا، أجابوا عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، بجوابين. وأقواهما: أنه ليس فيه: أنها نظرت إلى وجوههم، وأبدانهم. وإنما نظرت لعبهم، وحرابهم.
ولا يلزم من ذلك: تعتمد النظر إلى البدن. وإن وقع النظر بلا قصد، صرفته في الحال.
"والثاني": لعل هذا كان قبل نزول الآية، في تحريم النظر. وأنها كانت صغيرة قبل بلوغها، فلم تكن مكلفة. على قول من قال: إن للصغير المراهق، النظر. والله أعلم.
فأباحه جماعة من أهل الحجاز . وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وحرمه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، وأهل العراق .
وكراهته: وهو المشهور من مذهب مالك.
قال النووي : واحتج المجوزون، بهذا الحديث.
وأجاب الآخرون: بأن هذا الغناء، إنما كان في الشجاعة، والقتل، والحق في القتال، ونحو ذلك، مما لا مفسدة فيه.
بخلاف الغناء، المشتمل على: ما يهيج النفوس على الشر، ويحملها على البطالة والقبيح.
[ ص: 224 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : إنما كان غناؤهما؛ بما هو من أشعار الحرب، والمفاخرة بالشجاعة، والظهور، والغلبة.
وهذا لا يهيج الجواري على شر. ولا إنشادهما لذلك: من الغناء المختلف فيه. وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد.
ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين.
أي: ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات: من التشويق، والهوى، والتعريض بالفواحش، والتشبيب بأهل الجمال، وما يحرك النفوس، ويبعث الهوى والغزل، كما قيل: الغنا فيه الزنا.
وليستا أيضا من اشتهر وعرف بإحسان الغناء، الذي فيه تمطيط، وتكسير، وعمل يحرك الساكن، ويبعث الكامن. ولا من اتخذ ذلك صنعة وكسبا.
والعرب تسمي الإنشاد "غناء". وليس هو من الغناء المختلف فيه، بل هو مباح.
وقد استجازت الصحابة غناء العرب، الذي هو مجرد الإنشاد والترنم.
وأجازوا الحداء، وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا كله إباحة مثل هذا، وما في معناه. وهذا ومثله ليس بحرام، ولا يخرج الشاهد. انتهى.
وأقول: لي في ذلك "رسالة" سميتها: (كشف القناع، عن عدم تحريم مطلق السماع بالإجماع) .
[ ص: 225 ] وهي: من جملة رسائل " دليل الطالب ". أخذتها من رسالة: " إبطال دعوى الإجماع، على تحريم مطلق السماع "، لشيخنا العلامة الشوكاني " رضي الله عنه".
وحاصل القول (في هذه المسألة التي طالت ذيولها، وسالت سيولها، وقام النزاع فيها بين الفقهاء والصوفية، قديما وحديثا) : ما حررناه في آخر تلك الرسالة، وعبارتها هكذا:
السماع، لا شك (بعد ما ذكرنا، من اختلاف الأقوال والأدلة) : أنه من الأمور المشتبهة. والمؤمنون وقافون عند الشبهات.
ولاسيما: إذا كان مشتملا على ذكر القدود، والخدود، والإدلال، والجمال، والهجر، والوصال، والضم، والرشف، والتهتك، والكشف، ومعاقرة العقار، وخلع العذار والوقار.
فإن سامع هذه الأنواع، في مجامع السماع، لا ينجو من بلية، ولا يسلم من محنة، وإن بلغ "من التصلب في ذات الله" إلى حد، يقصر عنه الوصف.
وكم لهذه الوسيلة من قتيل دمه مطلول، وأسير بغموم غرامه، وهموم هيامه، مكبول.
[ ص: 226 ] ولاسيما: إذا كان المغني، حسن الصورة والصوت، كالمرأة الحسناء والغلام الجميل.
وما كان الغناء الواقع في زمن العرب "في الغالب"، إلا بأشعار فيها ذكر الحرب، وصفات الطعن والضرب، ومدح صفات الشجاعة، والكرم، والتشبيب بذكر الديار، ووصف أصناف النعم.
فليحذر المتحفظ لدينه، الراغب في إسلامه. فإن للشيطان حبائل، ينصب لكل إنسان منها: ما تليق به.
وربما كان الغناء، على الصفة التي وصفناها من أعظم خدائع الخبث. ولاسيما: لمن كان في زمن السيئة.