وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله."]
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، رضي الله عنها: قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقال: كسفت الشمس والقمر، وخسفت. وهو ذهاب ضوئهما كله. ويكون لذهاب بعضه) .
[ ص: 265 ] وقال جماعة منهم الليث: الخسوف في الجميع، والكسوف في بعض.
وقيل: الخسوف: ذهاب لونهما. والكسوف: تغيره.
(فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فأطال القيام جدا) بكسر الجيم. وهو منصوب على المصدر. أي: جد جدا.
(ثم ركع فأطال الركوع جدا. ثم رفع رأسه فأطال القيام جدا) .
هذا مما يحتج به من يقول: لا يطول السجود.
وحجة الآخرين: الأحاديث المصرحة بتطويله. ويحمل هذا المطلق عليها.
(وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع جدا. وهو دون الركوع الأول. ثم سجد، ثم قام فأطال القيام، وهو دون القيام الأول. ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول. ثم رفع رأسه فقام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأول. ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول. ثم سجد، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس؛ فخطب الناس) .
[ ص: 266 ] ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أن لفظة "الحمد لله" متعينة. فلو قال معناها، لم تصح خطبته.
ثم قال: ( إن الشمس والقمر، من آيات الله. وإنهما لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياته) .
وفي رواية: أنهم قالوا: (كسفت لموت إبراهيم) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام، ردا عليهم.
والحكمة فيه: أن بعض الجاهلية الضلال، كانوا يعظمون الشمس والقمر، فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى، لا صنع لهما. بل هما كسائر المخلوقات، يطرأ عليهما النقص والتغير كغيرهما.
وكان بعض الضلال، من المنجمين وغيرهم، يقول: لا ينكسفان إلا لموت عظيم، أو نحو ذلك. فبين أن هذا باطل، لا يغتر بأقوالهم، لاسيما وقد صادف موت إبراهيم "رضي الله عنه".
(فإذا رأيتموهما فكبروا، وادعوا الله، وصلوا، وتصدقوا) .
قال النووي : فيه الحث على هذه الطاعات، وهو أمر استحباب.
(يا أمة محمد! إن) أي: ما (من أحد أغير من الله، أن يزني عبده، أو تزني أمته) .
قالوا: معناه: ليس أحد أمنع من المعاصي، من الله تعالى. ولا أشد كراهة لها، منه سبحانه.
[ ص: 267 ] (يا أمة محمد! والله! لو تعلمون ما أعلم، لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا) .
معناه: لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم، وشدة عقابه، وأهوال القيامة وما بعدها كما علمت، وترون النار كما رأيت في مقامي هذا، وفي غيره. لبكيتم كثيرا، ولقل ضحككم، لفكركم فيما علمتموه.
(ألا هل بلغت؟) ما أمرت به: من التحذير، والإنذار، وغير ذلك، ما أرسل به.
والمراد: تحريضهم على تحفظه، واعتنائهم به؛ لأنه مأمور بإنذارهم.
والحديث: دليل على ثبوت هذه الصلاة. ورويت على أوجه كثيرة؛ ذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم منها جملة، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود أخرى.
قال النووي : وأجمع العلماء على أنها "سنة".
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وجمهور العلماء: أنه يسن فعلها جماعة.
وقال العراقيون: فرادى.
وحجة الجمهور: الأحاديث الصحيحة، في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره، انتهى.
وقال الشوكاني في "السيل الجرار": إنه قد اجتمع ههنا في صلاة الكسوف: الفعل، والقول.
[ ص: 268 ] ومن ذلك قوله: (فافزعوا إلى المساجد) . وفي رواية: (فصلوا وادعوا) . وفي رواية: (فافزعوا للصلاة) .
وقال أيضا: (فصلوا حتى يفرج الله عنكم) . وفي رواية: (فإذا رأيتم كسوفا، فاذكروا الله حتى ينجليا) .
وفي أخرى: (فصلوا حتى تنجلي) .
والظاهر: "الوجوب".
فإن صح ما قيل، من وقوع الإجماع على عدم الوجوب، كان صارفا، وإلا فلا.
قال: وأصح ما ورد فيها: (ركعتان. في كل ركعة: ركوعان) .
قال: هذا هو الثابت في الصحيحين، وغيرهما، من طرق.
ثم دون هذا في الصحة، مع كونه صحيحا: (ركعتان، في كل ركعة: ثلاثة ركوعات) .
وكذا: (ركعتان. في كل ركعة: أربعة ركوعات) .
ثم دون هذين في الصحة: (ركعتان. في كل ركعة: خمسة ركوعات) .
وقد استشكل كثير من المحدثين، وقوع مثل هذا الاختلاف، مع كونه صلى الله عليه وسلم، لم يصل صلاة الكسوف إلا مرة واحدة.
وذكروا في الجمع وجوها، ليس هذا موضع ذكرها.
وإذا تقرر لك: أن مخرج هذه الأحاديث متفق، وأن القصة واحدة، عرفت أنه لا يصح هنا، أن يقال كما قيل في صلاة الخوف: إنه يأخذ بأي الصفات شاء.
بل الذي ينبغي ههنا: أن يأخذ بأصح ما ورد. وهو: (ركوعان في كل ركعة) . لما في الجمع بين هذه الروايات، من التكلف البالغ.
قال: والثابت عنه صلى الله عليه وسلم، في هذه المرة، التي صلى فيها صلاة الكسوف:
أنه صلاها جماعة، وجهر فيها بالقراءة.
ولكن أمره صلى الله عليه وسلم بالصلاة: يتناول صلاة الفرادى، وصلاة الإسرار.
مع أنه قد ثبت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : (أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بهم في الكسوف، لا يسمعون له صوتا) .
[ ص: 270 ] وقد صححه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان، والحاكم.
ولكن رواية الجهر أصح، وأكثر. وراوي الجهر مثبت، وهو مقدم على النافي.
ويزيده إيضاحا: ما في شرح "المنتقى جمع النووي ": بأن رواية الجهر، في القمر. ورواية الإسرار، في كسوف الشمس.
وهو مردود برواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة "رضي الله عنها"، عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد. وبما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، من حديثها بلفظ: (كسفت الشمس)
والصواب أن يقال:
إن كانت صلاة الكسوف، لم تقع منه صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ، فالمصير إلى الترجيح متعين.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة "رضي الله عنها"، أرجح. لكونه في الصحيحين، ولكونه متضمنا للزيادة، ولكونه مثبتا، ولكونه معتضدا بما أخرجه ابن خزيمة وغيره، عن علي مرفوعا: من إثبات الجهر.
وإن صح أن صلاة الكسوف، وقعت أكثر من مرة. كما ذهب إليه البعض، فالمتعين: الجمع بين الأحاديث: بتعدد الواقعة. فلا معارضة بينها.