(عن nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية) رضي الله عنها، (قالت: لما ماتت زينب بنت [ ص: 315 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغسلها وترا: ثلاثا، أو خمسا") .
وفي رواية: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نغسل ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك - إن رأيتن ذلك- بماء وسدر ") .
وفي الباب روايات، وهي متفقة في المعنى، وإن اختلفت ألفاظها.
والمراد: اغسلنها وترا، وليكن ثلاثا. فإن احتجت إلى زيادة عليها للإنقاء، فليكن خمسا. فإن احتجت إلى زيادة الإنقاء، فليكن سبعا. وهكذا أبدا.
والحاصل: أن الإيتار مأمور به، والثلاث مأمور بها. فإن حصل الإنقاء بثلاث، لم تشرع الرابعة. وإلا زيد حتى يحصل الإنقاء. ويندب كونها وترا.
قال النووي : وأصل غسل الميت: فرض كفاية. وكذا حمله، وكفنه، والصلاة عليه، ودفنه. كلها فروض كفاية.
والواجب في الغسل: مرة واحدة عامة للبدن.
هذا مختصر الكلام فيه. انتهى.
وأقول: غسل الأموات، ثابت في هذه الشريعة، ثبوتا قطعيا. ولم يسمع في أيام النبوة، أنه مات ميت " غير شهيد"، فترك غسله.
بل هذه الشريعة في غسل الأموات: ثابتة من زمن أبينا آدم " عليه السلام " إلى الآن.
[ ص: 316 ] فإنه أخرج nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد في: "زوائد المسند"، والحاكم في: " "المستدرك"؛ وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. يعني الشيخين: (أن آدم عليه السلام: قبضته الملائكة، وغسلوه، وكفنوه، وحنطوه، وحفروا له اللحد، وصلوا عليه، ثم دخلوا قبره فوضعوه فيه، ووضعوا عليه اللبن، ثم خرجوا من القبر، ووضعوا عليه الشراب. وقالوا: يا بني آدم! هذه سنتكم) .
وحكى المهدي في " البحر " الإجماع على وجوب الغسل للميت، على الكفاية. كما تقدم مثله عن النووي .
واعترض الحافظ ابن حجر في "الفتح"، على قول النووي : بالإجماع على أنه فرض كفاية، بأن المالكية يخالفون في ذلك، وأن القرطبي منهم؛ ورجح أنه سنة.
nindex.php?page=showalam&ids=12815وابن العربي على المالكية، وقال: قد تواتر به القول، والعمل.
قال في "السيل": وأما صفة الغسل، فينبغي الاعتماد في ذلك، على حديث nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية، الثابت في الصحيحين، وغيرهما.
فهذا الحديث، دل على أن الغسل ينبغي أن يكون وترا: ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا. وإذا رأى الغاسل الزيادة على ذلك، زاد.
قال: وبهذا تعرف أن التخيير بين الثلاث، والخمس، والسبع، والزيادة عليها: مفوض إلى الغاسل. سواء خرج خارج أم لا.
ثم خروج الخارج، لا وجه لإعادة الغسل لأجله. بل يغسل موضع [ ص: 317 ] الخروج، وما أصابه من سائر البدن. فإن أعيى الأمر، وتكرر خروج الخارج، فلا بأس بسد الفرج بخرقة، أو نحوها.
قال: وغسل الميت واجب على الأحياء، يؤجرون عليه كما يؤجرون على سائر الواجبات. فلا وجه لعدم إيجاب النية.
ومن تعذر مسحه خشية أن ينفسخ، ثم تعذر صب الماء عليه لذلك، فلا غسل له، ولا واجب على الأحياء. بل يدفن كما هو.
(واجعلن في الخامسة كافورا، أو شيئا من كافور) .
فيه: استحباب شيء من الكافور في الأخيرة. قال النووي : وهو متفق عليه عندنا. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وجمهور العلماء.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يستحب.
وحجة الجمهور: هذا الحديث. ولأنه يطيب الميت، ويصلب بدنه، ويبرده، ويمنع إسراع فساده. أو يتضمن إكرامه.