قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون [الأنبياء : 63] .
[63]
قال إبراهيم :
بل فعله كبيرهم هذا غضب من أن تعبدوا معه هذه الصغار ، وهو أكبر منها ، فكسرهن ، وأراد
إبراهيم بذلك إقامة الحجة عليهم ، فذلك قوله :
[ ص: 367 ] فاسألوهم عن حالهم . قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15833وخلف : (فسلوهم ) بالنقل ، والباقون : بالهمز .
إن كانوا ينطقون أي : إن قدروا على النطق ، قدروا على الفعل ، فأراهم عجزهم عن النطق ، وفي ضميره : أنا فعلت ذلك .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653108أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : اثنتين منهن في ذات الله : قوله : إني سقيم ، وقوله : بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله لسارة : هذه أختي" .
وملخص قصة
سارة : أنه لما نجى الله خليله - صلى الله عليه وسلم - من
النمرود الجبار ، استجاب له رجال من قومه على خوف من
نمرود وملئه ، ثم إن
إبراهيم وأصحابه أجمعوا على فراق قومهم ، فخرج
إبراهيم هو وأهله ومن معه ، فنزل الرها ، ثم سار إلى
مصر ، وصاحبها
فرعون ، فذكر
لفرعون جمال
سارة زوج الخليل عليه السلام ، وهي ابنة عمه هاران ، فسأل
إبراهيم عنها ، فقال : هذه أختي ؛ يعني : في الإسلام ؛ خوفا أن يقتله ، فقال له : زينها وأرسلها إلي ، فأقبلت
سارة إلى الجبار ، وقام
إبراهيم يصلي ، فلما دخلت إليه ورآها ، أهوى إليها يتناولها بيده ، فأيبس الله يده ورجله ، فلما تخلى عنها ، أطلقه الله ، وتكرر ذلك منه ، فأطلقها ، ووهبها
هاجر .
[ ص: 368 ]
وفي بعض الأخبار : أن الله تعالى رفع الحجاب بين
إبراهيم وسارة حتى ينظر إليها من وقت خروجها من عنده إلى وقت انصرافها ؛ كرامة لهما صلوات الله عليهما ، وتطييبا لقلب
إبراهيم عليه السلام .
ثم سار
إبراهيم من
مصر إلى
الشام ، وأقام بين
الرملة وإيليا ، فهو أول من هاجر من وطنه في ذات الله ، والحديث الوارد أنه لم يكذب إلا ثلاث كذبات ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله ، وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا ، ويجوز أن يكون الله عز وجل أذن له في ذلك لقصد الصلاح ، وتوبيخهم ، والاحتجاج عليهم ؛ كما أذن
ليوسف عليه السلام حتى أمر مناديه فقال لإخوته :
أيتها العير إنكم لسارقون [يوسف : 70] ، ولم يكونوا سرقوا .
* * *