الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين .
[2]
الزانية والزاني مبتدأ خبره
فاجلدوا فاضربوا .
كل واحد منهما مائة جلدة يعني : إذا كانا حرين بالغين عاقلين بكرين غير محصنين ، وأما إذا كانا ثيبين ، فعليهما الرجم بغير جلد بالاتفاق ، والرجم بالحجارة حتى يموت ،
وشرائط الإحصان الموجب للرجم إذا زنى بعد وجودها فيه أربعة : العقل ، والحرية ، والبلوغ ، والوطء في نكاح صحيح عند الشافعي وأحمد ، ولم يشترطا الإسلام ؛ خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ؛ فإن الإسلام عندهما شرط ، فتكون الشرائط عندهما خمسة ،
ولا يحفر لرجم الرجل بالاتفاق ، ولا للمرأة عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، ويحفر لها عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن ثبت عليها بالبينة ، استحب أن يحفر لها ، وإن ثبت بإقرارها ، لم يحفر لها ، وتقدم في سورة النساء الكلام على حكم الزنا والجلد والتغريب في حق الحر والرقيق ، وثبوته بالإقرار والبينة ،
[ ص: 503 ] واختلاف الأئمة في ذلك مستوفى عند تفسير قوله تعالى :
أو يجعل الله لهن سبيلا [الآية : 15] ، وعند قوله تعالى :
فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [الآية ؛ 25] ، وقدم الزانية ؛ لأن الزنا في الأغلب يكون بتعرضها للرجل ، وعرض نفسها عليه .
ولا تأخذكم بهما رأفة قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : (رأفة ) بفتح الهمزة ، واختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=13869البزي ، وقرأ الباقون : بإسكانها ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش : يبدلون الهمز بالألف على أصلهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو يدغم التاء في الجيم من قوله : (مئة جلدة ) ، والرأفة : أرق الرحمة ؛ أي : لا تخففوا جلدهما رأفة بهما ، ولكن تصلبوا
في دين الله في حكمه ، وأوجعوهما ضربا ، وأقيموا حدوده كما أمركم .
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653965 "والله لو سرقت nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت محمد ، لقطعت يدها" ، فتجب
إقامة الحد على من لزمه بالاتفاق ، ويضرب الرجل قائما عند الثلاثة ، وعند مالك : جالسا ، وأما المرأة ، فتضرب جالسة باتفاقهم ، وسوط الحد عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما بين قضيب وعصا رطب ويابس ، وعند الثلاثة : يضرب بسوط لا جديد
[ ص: 504 ] ولا خلق ، ويجرد الرجل من ثيابه عند أبي حنيفة ومالك ، وأما المرأة عندهما : ينزع عنها من الثياب ما يقيها ألم الضرب ؛ مثل الفراء ونحوها ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجرد ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : يكون على الرجل القميص والقميصان ، والمرأة تشد عليها ثيابها ، وأما الضرب ، فلا يبالغ فيه بحيث يشق الجلد ، ويفرق على أعضائه ، إلا الوجه والفرج وموضع المقتل بالاتفاق .
واختلفوا في أشد الجلد ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : التعزير أشد الضرب ، ثم الزنا ، ثم الشرب ، ثم القذف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ؛
الجلد في الحدود كلها سواء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : أشده الزنا ، ثم القذف ، ثم الشرب ، ثم التعزير .
واختلفوا
في الذمي إذا زنى وهو حر بالغ عاقل قد كان تزوج ووطئ في التزويج الصحيح ، فقال أبو حنيفة ومالك : لا يرجم ؛ لأن عندهما لا يتصور الإحصان في حقه ؛ لأن الإسلام من شروط الإحصان عندهما كما تقدم ، ويجلد مئة عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يعاقبه الإمام اجتهادا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد هو محصن ، وليس الإسلام من شروط الإحصان ، وعليه الرجم عندهما ، وأما إذا كان غير محصن ، فإنه يحد للزنا عند الثلاثة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يحد .
وليشهد عذابهما وليحضر حدهما إذا أقيم عليهما .
طائفة فرقة
من المؤمنين زيادة في التنكيل بالتفضيح ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ينبغي للإمام أن
يحضر في حد الزنا طائفة من المؤمنين الأحرار العدول ، والطائفة أربعة فصاعدا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : يجب حضور إمام أو نائبه
[ ص: 505 ] وطائفة ، ولو واحدا ، ويسن حضور شهوده ، وبدأتهم بالرجم إن كان الحد رجما ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يستحب حضور الإمام وشهوده ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : للإمام أن يحضره ، ويجوز أن يبعث بأمين ، ويأمره بإقامة الحد ،
ويبدأ الشهود برجم المحصن ، ثم الإمام ، ثم الناس إن ثبت بالبينة ، وإن ثبت بالإقرار ، ابتدأه الإمام ، ثم الناس .
وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912819 "اتقوا الزنا ؛ فإن فيه ست خصال : ثلاث في الدنيا : يذهب البهاء ، ويورث الفقر ، وينقص العمر ، وثلاث في الآخرة : السخطة ، وسوء الحساب ، والخلود في النار" .
* * *