وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب .
[44] روي أن
أيوب -عليه السلام- كانت زوجته مدة مرضه تختلف إليه، فيتلقاها الشيطان في صورة طبيب، ومرة في هيئة ناصح، فيقول لها: لو سجد هذا المريض للصنم الفلاني، لبرئ، ولو ذبح عناقا للصنم الفلاني، لبرئ، ويعرض عليها وجوها من الكفر، فكانت هي ربما عرضت ذلك على
أيوب، فيقول لها: ألقيت عدو الله في طريقك؟ فلما أغضبته ونحوه، حلف إن عوفي ليجلدنها مئة جلدة، فلما عوفي، لطف الله تعالى بها; لخدمتها أيوب، فقال:
وخذ بيدك ضغثا هو قبضة من الشجر فيها مئة قضيب.
فاضرب به زوجتك لتبر بيمينك
ولا تحنث أي: لا تدع الضرب فتحنث، فأخذ مئة عود، وضربها ضربة واحدة، فحلل الله يمينه، وهي رخصة في الحدود.
واختلف الأئمة فيها، فمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إذا
وجب الحد على مريض، وكان جلدا، أخر للمرض، فإن لم يرج برؤه، جلد بعثكال عليه مئة غضن،
[ ص: 35 ] فإن كان خمسون، ضرب به مرتين، وتمسه الأغصان، أو ينكس بعضها على بعض ليناله بعض الألم، فإن برئ، أجزأه، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة: يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ; كمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، فإن كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب ضربا شديدا، يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يضرب إلا بالسوط، ويفرق الضرب، وعدد الضربات مستحق لا يجوز تركه، فإن كان مريضا أخر إلى أن يبرأ; كمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: يقام الحد في الحال، ولا يؤخر للمرض، ولو رجي زواله، ويضرب بسوط يؤمن معه التلف; كالقضيب الصغير، فإن خشي عليه من السوط، أقيم بأطراف الثياب، وعثكول النخل، فإن خيف عليه من ذلك، جمع ضغث فيه مئة شمراخ، فضرب به ضربة واحدة; كقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي.
وأما إذا كان الحد رجما، فلا يؤخر بالاتفاق، ولا يقام
الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف،
nindex.php?page=showalam&ids=11990فأبو حنيفة إن كان حدها الجلد فحتى تتعالى; أي: تخرج من نفاسها، وإن كان الرجم، فعقيب الولادة، وإن لم يكن للصغير من يربيه، فحتى يستغني عنها،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: حتى ترضعه اللبأ ويستغني بغيرها، أو فطام لحولين،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد: بمجرد الوضع.
إنا وجدناه صابرا على البلاء، وقول أيوب:
مسني الشيطان لم يكن جزعا; لأنها شكاية إلى المحبوب، فدل على أنه في غاية الصبر.
[ ص: 36 ] نعم العبد أيوب
إنه أواب رجاع إلى الله تعالى.