وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
[57]
وظللنا عليكم الغمام في التيه يقيكم حر الشمس، والغمام جمع غمامة، من الغم، وأصله التغطية والستر، سمي السحاب غماما; لأنه يغطي وجه الشمس، وذلك أنه لم يكن لهم في التيه كن يسترهم، فشكوا إلى موسى -عليه السلام-، فأرسل الله غماما أبيض رقيقا أطيب من غمام
[ ص: 110 ] المطر، وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم الليل إذا لم يكن قمر.
وأنزلنا عليكم المن والسلوى أي: في التيه، والأكثرون على أن المن هو الترنجبين، وقيل: هو شيء يتساقط على الشجر كالصمغ، حلو الطعم، فكان هذا المن كل ليلة يقع على أشجارهم مثل الثلج، لكل إنسان منهم صاع، فقالوا: يا
موسى! قتلنا هذا المن بحلاوته، فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم، فأنزل الله عليهم السلوى، وهو طائر يشبه السمان، فكان الله ينزل عليهم المن والسلوى كل صباح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فيأخذ كل واحد منهم ما يكفيه يوما وليلة، وإذا كان يوم الجمعة، أخذ كل واحد منهم ما يكفيه ليومين; لأنه لم يكن ينزل يوم السبت.
كلوا أي: وقلنا لهم: كلوا.
من طيبات أي: حلالات.
ما رزقناكم ولا تدخروا لغد، ففعلوا، فقطع الله ذلك عنهم، ودود وفسد ما ادخروا، فقال الله تعالى:
وما ظلمونا وما بخسوا حقنا.
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون باستيجابهم عذابي، وقطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا مؤنة في الدنيا، ولا حساب في العقبى.