وقال تعالى :
لتبلون في أموالكم وأنفسكم [آل عمران : 186] الابتلاء : الامتحان ، والاختبار .
والمعنى : لتمتحن في أموالكم بالمصائب ، والإنفاقات الواجبة ، وسائر التكاليف الشرعية المتعلقة بها ،
والابتلاء في الأنفس بالموت ، والأمراض ، وفقد الأحباب ، والقتل في سبيل الله .
وفيه تسلية للأمة الإسلامية بما سيلقونه من الكفرة الفسقة الفجرة ؛ ليوطنوا أنفسهم على الثبات ، والصبر على المكاره .
ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم : هم اليهود والنصارى .
وكان المسلمون يسمعون من اليهود : عزير ابن الله ، ومن النصارى : المسيح ابن الله ، وهذه السماعة باقية إلى الآن .
فإن النصارى في هذا الزمان في كل مكان يقولون بألوهية المسيح ، ويهتفون
[ ص: 238 ] بذلك، ويقرؤونه في كتبهم الجديدة التأليف ، ويردون على المسلمين توحيدهم لله تعالى وشرائعهم
وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال [إبراهيم : 46] .
ومن الذين أشركوا به من سائر الطوائف الكفرية من غير أهل الكتاب كالمجوس ، والهنود ، والنصيرية ، والبابية
أذى كثيرا من الطعن في دينكم ، وأعراضكم .
وزاد
«السيوطي » : والتشبيب بنسائكم .
قال في «الجمل » : هو ذكر أوصاف الجمال .
وقد استطال المجوس ، والهنود ، والنفرية في هذا الزمان على المسلمين ، فحرروا كتبا في الطعن في دين الإسلام ، والإعراض عن المسلمين .
ووجد مصداق هذه الآية :
وإن تصبروا وتتقوا الصبر : عبارة عن احتمال الأذى والمكروه ، والتقوى عن الاحتراز عما لا ينبغي .
فإن ذلك الصبر والتقوى
من عزم الأمور أي : معزوماتها ؛ لكونها عزمة من عزمات الله التي أوجب عليهم القيام بها .