وقال تعالى :
إن الله لا يغفر أن يشرك به [النساء : 116] هذا نص صريح بأن
الشرك غير مغفور إذا مات صاحبه عليه .
ويغفر ما دون ذلك ، أي : ما دون الشرك ،
لمن يشاء من أهل التوحيد .
وهذه المشيئة فيمن لم يتب من ذنوبه من الموحدين ، فإن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه .
وأما من تاب منهم ، وانقلع عن الذنوب ، وندم على ما فعله من المعاصي ، وأناب إلى الله تعالى ، فهو مغفور [له] ، لقوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=848819«التائب من الذنب كمن لا ذنب له » ، فالتوبة محاء الذنوب ؛ كبيرها ، وصغيرها .
ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا [النساء : 116] ؛ أي : ذهب عن طريق الهدى ، وحرم الخير كله إذا مات على شركه ؛ لأن الشرك أعظم أنواع الضلال ، وأبعدها من الصواب والاستقامة ، كما أنه افتراء ، وإثم عظيم .
ولذلك جعل الجزاء في هذه الشرطية :
فقد ضل ، وفيما سبق :
فقد افترى إثما عظيما حسبما يقتضيه سياق النظم الكريم ، وسباقه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14529السمين : ختمت الآية المتقدمة بقوله :
فقد افترى ، وهذه بقوله :
فقد ضل ، لأن الأولى في شأن أهل الكتاب ، وهم عندهم علم بصحة نبوته ، وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع ، ومع ذلك فقد كابروا في ذلك، وافتروا على الله.
وهذه في شأن قوم مشركين ليس لهم كتاب ، ولا عندهم علم ، فناسب وصفهم بالضلال .
[ ص: 241 ]
وأيضا قد تقدم هنا ذكر «الهدى » ، وهو ضد الضلال . انتهى .
وعن
الضحاك :
إن شيخا من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله ! إني شيخ منهمك في الذنوب والخطايا ، إلا أني لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته ، وآمنت به ، ولم أتخذ من دونه وليا ، ولم أوقع المعاصي جرأة على الله، ولا مكابرة له ، وإني لنادم ، وتائب ، ومستغفر ، فما حالي عند الله ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي -كرم الله وجهه - ، قال: ما في القرآن أحب إلي من هذه الآية .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وقال : حسن غريب .