وقال تعالى :
قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين [الكافرون : 1-6] . هذه السورة مكية ، وقيل : مدنية .
وفي الحديث المرفوع :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939710أنها تعدل ربع القرآن ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وورد
nindex.php?page=hadith&LINKID=676319أنها براءة من الشرك . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وأهل السنن ، عن
نوفل بن معاوية مرفوعا .
[ ص: 266 ]
عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك بالله ؟ تقرؤون : قل يا أيها الكافرون عند منامكم أخرجه
أبو يعلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني .
وفي الباب روايات .
وسبب نزول هذه السورة : أن الكفار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم سنة ، ويعبدوا إلهه سنة ، فأمره الله أن يقول لهم ذلك.
و «أل » للجنس ، والمعنى : لا أفعل في الحال ما تطلبون مني من عبادة ما تعبدون من الأصنام .
وقال ابن القيم : المقصود بقوله
لا أعبد ما تعبدون : المعبود لا العبادة .
ومعنى
ولا أنتم عابدون ما أعبد : ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلب منكم من عبادة إلهي .
قال
ابن القيم في «بدائع الفوائد » : اشتمال هذه على النفي المحض ، خاصة هذه السورة العظيمة ؛ فإنها سورة براءة من الشرك كما جاء في وصفها .
فمقصودها الأعظم هو البراءة المطلقة بين الموحدين ، والمشركين ، ولهذا أتي بالنفي في الجانبين تحقيقا للبراءة المطلوبة ، هذا مع أنها متضمنة للإثبات صريحا .
فقوله :
لا أعبد ما تعبدون براءة محضة
ولا أنتم عابدون ما أعبد إثبات أن له معبودا يعبده ، وأنهم بريئون من عبادته .
فتضمنت النفي ، والإثبات ، فطابقت قول إمام الحنفاء :
إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني [الزخرف : 26-27] .
وطابقت قول الفئة الموحدين :
وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله [الكهف : 16] .
[ ص: 267 ]
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها ، وبـ :
قل هو الله أحد في سنة الفجر ، وسنة المغرب ؛ فإن هاتين السورتين سورتا الإخلاص .
وقد اشتملتا على نوعي التوحيد الذي لا نجاة لعبد ، ولا فلاح إلا بهما .
وهما :
توحيد العلم ، والاعتقاد : المتضمن تنزيه الله عما لا يليق به من الشرك ، والكفر ، والولد ، والوالد ، وأنه إله واحد صمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .
والثاني : توحيد القصد ، والإرادة : وهو ألا يعبد إلا إياه ، فلا يشرك به في عبادته سواه .
بل يكون وحده هو المعبود ، وهذه السورة مشتملة على هذا التوحيد .
انتهى .
قلت : وكما قد ختمت باب الآيات الدالة على التوحيد ، على سورة
قل هو الله أحد ، وسورة «الناس » كما سبق هذا الباب المشتمل على الآيات الدالة على بيان الشرك ، وذمه ، قد ختمته على سورة
قل يا أيها الكافرون .
فالحمد لله على تمام الأمر على إخلاص توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، ونفي الشرك بالله فيهما .
اللهم أحينا مسلمين ، وتوفنا مسلمين ، واحشرنا في زمرة الموحدين المتبعين . آمين .
والذي تحصل من هذه الآيات : هو أن
الإيمان بأن العبادة حق الله تعالى على عباده ، واجب متحتم ، وفرض لازم ؛ لأنه منعم عليهم ، مجاز لهم بالإرادة .