الإشراك في العلم
فالشيء الأول : أن يكون حاضرا ناظرا في كل مكان ، ويكون عالما بكل شيء في كل شأن ، سواء كان ظاهرا ، أو مخفيا ، محسوسا ، أو باطنا ، في ظلمة ، أو نور ، في السماوات ، أو في الأرض ، على قلل الجبال ، أو في قعر البحار ، وهذا شأن الله تعالى ، ليس لأحد هذا الشأن .
فمن يذكر اسم أحد عند القيام ، أو القعود ، ويدعوه من قرب ، أو بعد ، ويهتف به عند الشدائد ، وحلول البلايا ، وخوف الرزايا ، ويستعين باسمه في الحرب على الأعداء ، ويجعل اسمه وظيفة له ، وشغلا يشتغل به ، ويتصور صورته في حاسة خياله ، ويعتقد أنه كلما أذكر اسمه بلساني ، أو بقلبي ، أو أتصور صورته ، أو صورة قبره ، يطلع على ذلك، ويعلمه ، ولا يخفى عليه شيء من أموري .
وكل ما يطرأ علي من الأحوال ؛ كالمرض ، والعافية ، والعسر ، واليسر ، والحياة ، والممات ، والأتراح ، والأفراح ، فهو يعلمه .
ويسمع كل ما يصدر من الكلام من لساني ، أو يخطر بالبال ، ويمر بالخيال ، فهو واقف على ذلك كله .
فهذا الاعتقاد شرك ، ويصير به صاحبه مشركا .
ويقال لهذا :
الإشراك في العلم ؛ لأن في ذلك إثبات العلم لغير الله كثبوته له تعالى ، فمن اعتقد هذا الاعتقاد لأحد ، صار مشركا .
سواء كانت هذه العقيدة في الأنبياء ، أو الأولياء ، أو في المشايخ ، والشهداء ، وفي الأئمة ، أو في أخلاقهم ، أو في الجن ، والشياطين .
وسواء يعتقدون أن هذا الأمر حاصل لهم من ذواتهم ، أو من إعطاء الله لهم ، فالشرك ثابت بهذه العقيدة على كل حال .
[ ص: 294 ]