قواعد العبادة
واعلم أن للعبادة أربع قواعد : وهي:
التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه ، وقيام ذلك القلب ، واللسان ، والجوارح .
فالعبودية اسم جامع لهذه المراتب الأربع ، فأصحاب العبادة حقا هم أصحابها .
فقول القلب : هو اعتقاد ما أخبر الله به عن نفسه ، وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم عن ربه من أسمائه وصفاته وأفعاله ، وملائكته ، ولقائه ، وما أشبه ذلك.
وقول اللسان : الإخبار عنه بذلك، والدعاء إليه ، والذب عنه ، وتبيين بطلان البدع المخالفة له ، والقيام بذكره تعالى ، وتبليغ أمره .
وعمل القلب : كالمحبة له ، والتوكل عليه ، والإنابة إليه ، والخوف ، والرجاء ، والإخلاص ، والصبر على أوامره ، ونواهيه ، وإقراره ، والرضاء به ، وله ، وعنه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، والإخبات إليه ، والطمأنينة ، ونحو ذلك من أعمال القلوب التي فرضها آكد من فرض أعمال الجوارح .
فقول العبد في صلاته :
إياك نعبد [الفاتحة : 5] التزام أحكام هذه الأربعة ، وإقرار بها .
وقوله :
وإياك نستعين طلب الإعانة عليها ، والتوفيق لها .
وقوله :
اهدنا الصراط المستقيم [الفاتحة : 7] متضمن للأمرين على التفصيل ، وإلهام القيام بهما ، وسلوك طريق السالكين إلى الله -تعالى وتبارك - .
والله الموفق بمنه ، وكرمه .
هذا آخر كلام المقريزي -رحمه الله تعالى - في كتابه «تجريد التوحيد المفيد » ، ولله دره ، وعلى الله أجره ، فما أبلغ هذا البيان ، وما أشده هداية إلى صراط الرحمن ، وسبيل الإيمان ، وطريق الجنان !
[ ص: 330 ]
وما أجمعه لبيان الشرك ، وأنواعه ، وأقسامه ، وحقائقه ، وطرائقه !
ولعلك لا تجد مثله في هذا الباب .
وما أولاه -مع اختصاره في جامعيته - بأن يكتب بمداد ماء العيون الباكية على غربة الإسلام ، وأهله على صفائح صدور المؤمنين بالله ، وباليوم الآخر !
وسيأتي لهذه الأنواع من الإشراك بالله -سبحانه عما يشركون - بيان واضح في مطاوي الأبواب ، وفحاوي الكتاب ، ومعاطف الخطاب .
* * *
[ ص: 331 ]