وقال تعالى :
فلما خر تبينت الجن [سبأ : 14] ؛ أي : ظهر لهم وانكشف
أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين .
أي : لو صح ما يزعمونه من أنهم يعلمون الغيب ، لعلموا بموته ، ولم يلبثوا بعد موته مدة طويلة في العذاب ؛ أي : العمل الذي أمرهم به ، والطاعة له ، وهو إذ ذاك ميت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي : قال المفسرون : كان الناس في زمن
سليمان يقولون: إن الجن تعلم الغيب ، فلما مكث
سليمان قائما على عصاه حولا ميتا ، والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة التي كانت تعمل في حياة
سليمان ، لا يشعرون بموته ، حتى أكلت الأرضة عصاه ، فخر ميتا ، فعلموا بموته ، وعلم الناس أن
الجن لا تعلم الغيب .
وفي الباب روايات بطرق وألفاظ ذكرها في «فتح البيان »
والآية دلت دلالة واضحة على أن الغيب لا تعلمه الجن ، ولا غيرهم من الإنس وغيرهم ، بل هو خاصة لله سبحانه ، وخصيصة لا يشاركه فيه إنس ، ولا جن ، ولا ملك ، ولا غيرهم من الخلق ، ومثبته لغيره سبحانه مشرك بالله ، في صفاته الخاصة به .
وقال تعالى :
قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب [سبأ : 48] .
ومن قذفه بالحق تنصيصه سبحانه في كتابه العزيز في مواضع لا تحصى بأن علم الغيب مختص به تعالى ، وهو مستأثر به ، لا شريك
[ ص: 430 ]
له في ذلك أحد من السعداء ، والأشقياء .
وقال تعالى :
إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور [فاطر : 38] . أثبت سبحانه لذاته هذا العلم ؛ إشارة إلى عدم شريك له فيه ، وهو الحق الواضح الثابت بأدلة الكتاب والسنة عند كل فقيه ونبيه .
وقال تعالى :
فاطر السماوات والأرض [فاطر : 1] ؛ أي : مبدعهما وخالقهما
عالم الغيب والشهادة ؛ أي : ما غاب وشوهد
أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون [الزمر : 46] قيل هذه محاكمة من النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين إلى الله تعالى .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : لا أعرف آية قرئت ، فدعي عندها ، إلا أجيب ، سواها .
وقال تعالى :
قل ما كنت بدعا من الرسل [الأحقاف : 9] أي : ما أنا بأول رسول . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وما أدري ما يفعل بي فيما يستقبل من الزمان
ولا أدري ما يفعل
بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي .
فيه
نفي العلم عنه صلى الله عليه وسلم وبالأمور المستقبلة به ، وبغيره من الناس . والآية تدل بفحوى الخطاب على اختصاص ذلك العلم به سبحانه وتعالى ، وهو المراد هنا، وقد تقدم تفسيرها في الباب الأول من هذا الكتاب .
وقال تعالى :
قال [الأحقاف : 23] ؛ أي : هود -عليه السلام - :
إنما العلم بوقت مجيء العذاب
عند الله لا عندي ، ولا مدخل لي فيه ، فأستعجل به .
وأبلغكم ؛ أي : وأما أنا ، فإنما وظيفتي التبليغ و
ما أرسلت به إليكم من ربكم
ولكني أراكم قوما تجهلون فيه نفي علم الغيب عن
«هود » النبي -عليه السلام - ، واختصاصه بالله تعالى ، وأن القوم المشركين جاهلون مصرون على كفرهم وشركهم بالله في صفاته الواجبة التي من جملتها العلم بالغيب .
وقال تعالى :
إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون [الحجرات : 18] . فيه
بيان علمه تعالى بالغيب ، ولازمه ألا يعلمه غيره أصلا ، كائنا من كان .
[ ص: 431 ]