فإن قلت : إذا قد تقرر بهذا الدليل القرآني أن
الله يظهر من ارتضى من رسله على ما شاء من غيبه .
فهل للرسول الذي أظهره الله على ما شاء من غيبه أن يخبر به بعض أمته ؟ .
قلت : نعم ، ولا مانع من ذلك.
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا ما لا يخفى على عارف بالسنة المطهرة فمن ذلك ما صح أنه قام مقاما أخبر فيه بما سيكون إلى يوم القيامة ، وما ترك شيئا مما يتعلق بالفتن ونحوها ، حفظ ذلك من حفظه ، ونسيه من نسيه .
وكذلك ما ثبت من أن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان كان قد أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحدث من الفتن بعده ، حتى سأله عن ذلك أكابر الصحابة ، ورجعوا إليه .
وثبت في «الصحيح » وغيره : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب سأله عن الفتنة التي تموج كموج البحر ، فقال : إن بينك وبينها بابا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : هل يفتح ، أو يكسر ؟ فقال : بل يكسر ، فعلم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه الباب ، وأن كسره قتله ، كما في الحديث
[ ص: 435 ] الصحيح المعروف أنه قيل
nindex.php?page=showalam&ids=21لحذيفة : هل كان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يعلم ذلك ؟ فقال : نعم . كان يعلم أن دون غد الليلة .
وكذلك ما ثبت من إخباره
لأبي ذر بما يحدث له مما حدث له ، وإخباره
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بخبر ذي الثدية ، ونحو هذا مما يكثر تعداده ، ولو جمع ، لجاء منه مصنف مستقل .
وإذا تقرر هذا ، فلا مانع من أن يختص بعض صلحاء هذه الأمة بشيء من أخبار الغيب التي أظهرها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأظهرها رسوله صلى الله عليه وسلم لبعض أمته ، وأظهرها هذا البعض من الأمة لمن بعدهم ، فتكون كرامات الصالحين من هذا القبيل . والكل من الفيض الرباني بواسطة الجناب النبوي . انتهى كلامه -رحمه الله تعالى - .