شفاعة المحبة
الصورة الثانية: أن يشفع في ذلك السارق، محبوب لسلطان، ومعشوق له، ويمنعه عن عقابه، فيقبل السلطان شفاعته؛ حبا للشفيع، وكرامة له، ويعفو عن ذنب السرقة بهذا العجز. وهذه الشفاعة يقال لها: شفاعة المحبة، يعني: أن السلطان قبل هذه الشفاعة بناء على حب الحبيب، وظنه أن كظم الغيظ مرة واحدة، والعفو عن السارق؛ حفظا لحبه، خير من هم وغم يلحقه من ذهاب المحبوب من عنده. فمثل هذه الشفاعة أيضا لا تمكن في حضرته المقدسة.
ومن زعم أن مثلها تقبل في جناب الله، ويقدر أحد على مثلها فيه، فهو مشرك بالله، وجاهل به سبحانه -كما تقدم- سواء بسواء، بل الله تعالى، وإن أكرم أحدا من عباده، واتخذه حبيبا له، أو خليلا، أو كليما، أو روحا، أو وجيها، أو يخاطب أحدا منهم بالرسول الكريم، أو الروح
[ ص: 17 ] الأمين، أو روح القدس، أو المكين، فالمالك مالك، والمملوك مملوك، ما للتراب ورب الأرباب؟
الرب رب وإن تنزل والعبد عبد وإن ترقى
لا يستطيع أحد أن يضع قدمه خارجة عن دائرة العبودية، أو يتجاوز عن حل المملوكية والرقية، بل كما يذوق رحمته في كل آن مع الفرح والنشاط، فكذلك يشق كبده في كل حال وزمان.