«قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا».
الصنم: ما كان منحوتا على صورة.
والمعنى: لا يمر به ولا يتعداه أحد حتى يجعل له قربانا، وإن قل.
[ ص: 426 ] ويقولون: إنها أوسع العناصر حيزا، وأعظمها جرما، وأوسعها مكانا، وأشرفها جوهرا، وألطفها جسما، ولا كون في العالم إلا بها، ولا نمو ولا انعقاد إلا بممازجتها.
ومنهم من يبلغ عبادتهم لها، أن يقربوا أنفسهم لها، فيأتي الرجل بنفسه، أو بولده، فيلبسه أحسن اللباس، وأفخر الحلي، ويركب أعلى المراكب، وحوله المعازف والطبول، فيزف إلى النار أعظم من زفاف العروس، حتى إذا قابلها طرح نفسه فيها، وضج الحاضرون ضجة عظيمة بالدعاء له، وغبطة على ما فعل.
فلا يلبث إلا يسيرا حتى يأتيهم الشيطان في صورته، لا ينكرون منه شيئا، فيوصيهم بالتمسك بهذا الدين، وأنه لم يمسه من ألم النار شيء، وصار إلى جنة ونعيم.