فصل
ومن تلاعبه بهم: أنهم إذا شق عليهم شيء من التكاليف طلبوا التخلص منه بوجوه الحيل، فإن أعيتهم الحيل، قالوا: هذا كان علينا لما كان لنا الملك والرياسة.
فمن ذلك: أن من أحكام شريعتهم: أنه إذا أقام أخوان في موضع، ومات أحدهما، ولم يعقب ولدا، فلا تخرج امرأة الميت إلى رجل أجنبي، بل ولد حميها ينكحها، وأول ولد ينسب إلى أخيه الدارج.
[ ص: 451 ] فإن كان مبغضا لها، أو كانت هي زاهدة في نكاحه، فعلوا حيلة، وهي أن يحضر عند الحاكم، ويلقنوها أن تقول: إن ابن حمي أبى أن يقيم لأخيه مقاما في بني إسرائيل، لم يرد نكاحي.
فيحضره هناك، ويكلفه أن يقول: ما أردت نكاحها، فتتناول المرأة بحقه فتخرجه من رجله، وتمسكه بيدها، وتبصق في وجهه، وتنادي عليه: كذا فليصنع بالرجل الذي لا يبغي بيت أخيه.
ويدعى -بعد ذلك- بالمخلوع، وبنوه بـ«بني المخلوع» فيلزمونها بالكذب عليه، إن أراد نكاحها وكرهته هي.
فإذا لقنوها هذه الألفاظ، قالتها، فيأمرونه بالكذب، ولعل ذلك سؤله ومنيته، فيأمرونه بأن يكذب.
لم يكفهم أن كذبوا عليه، وألزموه أن يكذب، حتى سلطوها أن تبصق في وجهه، وتخزيه، ويسمون هذه مسألة اليتامى والجالنوس.
وقد تقدم من التنبيه على حيلهم في استباحة محارم الله ما عرفت، فهم بيت الحيل، والكيد، والمكر، والخبث.
وقد أرادوا قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصعدوا على سطح، وأخذوا رحى، أرادوا طرحها عليه، وهو جالس في ظل حائط، فأتاه الوحي بذلك.
وظاهروا عليه أعداءه، وأرادوا قتله بالسم، فأعلمه الله به، فسحروه حتى كان يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولم يفعله، ولم يزالوا في الكيد والمكر.
ومن تلاعبه بهم: أنهم ينتظرون قائما من ولد «داود» إذا حرك شفتيه بالدعاء، مات جميع الأمم، وزعموا أنه «المسيح» الذي وعدوا به.
وهم -في الحقيقة- إنما ينتظرون مسيح الضلالة، وهو الدجال، فهم أكثر
[ ص: 452 ] أتباعه، وإلا فمسيح الهدى
عيسى ابن مريم -صلوات الله عليه- يقتلهم، ولا يبقي منهم أحدا.
والأمم الثلاث تنتظر منتظرا، يخرج في آخر الزمان، فإنهم وعدوا به.
والمسلمون ينتظرون المسيح
عيسى ابن مريم، وينتظرون خروج «المهدي» من أهل بيت النبوة، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا.