أشهر الفرق الإسلامية وأكبرها
قال صاحب «الأشعة» : وقع
افتراق هذه الأمة على هذا العدد في الحديث الصحيح . لكن لا بهذا الطريق الذي ذكره صاحب «المدارك» .
بل بما قال في «المواقف» : كبار الفرق الإسلامية ثمانية فرق : 1-
المعتزلة ، 2-
والشيعة ، 3-
والخوارج ، 4-
والمرجئة ، 5-
والجبرية ، 6-
والمشبهة ، 7-
والناجية ، 8-
والنجارية .
[ ص: 34 ] ثم قسم
المعتزلة إلى عشرين فرقة ،
والشيعة اثنتين وعشرين طائفة ،
والخوارج عشرين فرقة ،
والمرجئة خمس فرق ،
والنجارية ثلاث فرق .
ولم يفرق
الجبرية ،
والمشبهة ،
والناجية ، وقال : الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة ، ومجموع ذلك ثلاث وسبعون فرقة . انتهى .
قال الشيخ
عبد الحق الدهلوي - رحمه الله تعالى - في ترجمة «المشكاة» :
إن قيل : كيف علم أن الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ، وهذا السبيل هي الصراط المستقيم وسبيل الله ، وسائر السبل غيره سبل النار ، مع أن كل فرقة تدعي أنها على الطريق السوي ، وأن مذهبها هو الحق؟ فالجواب : أن هذا شيء لا يتم بمجرد الدعوى ، بل لا بد عليه من البرهان ، وبرهان ذلك أن دين الإسلام جاء نقلا ، وليس مجرد العقل وافيا به .
وقد ثبت بالأخبار المتواترة ، وتتبع الأحاديث ، وتفحص الآثار : أن السلف الصالح من هذه الأمة والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم ، كانوا على هذا الاعتقاد ، وعلى هذه الطريقة .
ولم تحدث هذه البدع والأهواء في المذاهب والأقوال إلا بعد الصدر الأول ، ولم يكن أحد من الصحابة والسلف المتقدمين عليها ، بل كانوا متبرئين منها ، وقطعوا رابطة المحبة والصحبة التي كانت معهم ، وردوا عليهم .
وقد درج على هذا الأمر المحدثون ، أصحاب الكتب الستة ، وغيرها من الكتب المعتمدة عليها ، التي وقع مبنى الأحكام ومدارها عليها .
وهكذا أئمة الفقهاء ، أرباب المذاهب الأربعة وغيرهم ممن كان في طبقتهم ، كلهم كانوا على هذا المذهب .
الأشاعرة ،
والماتريدية الذين هم أئمة الأصول أيدوا مذهب السلف ، وأثبتوه بالدلائل العقلية ، وأكدوه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإجماع السلف ، فسموا بهذا الوجه : أهل السنة والجماعة ، وإن كانت هذه التسمية حادثة . لكن مذهبهم واعتقادهم قديم
[ ص: 35 ] وطريقة هؤلاء
اتباع الأحاديث النبوية ، والاقتداء بآثار السلف ، وحمل النصوص على الظاهر ، إلا عند الضرورة ، وعدم الاعتماد على العقول ، والآراء والأهواء .
بخلاف
المعتزلة ،
والشيعة ، ومن هو على طريقتهم في الاعتقادات; فإن هؤلاء تشبثوا بالفلسفة ، واسترسلوا بآرائهم وأوهامهم .
وكذلك مشايخ الصوفية من المتقدمين ، ومحققوهم من المتأخرين الذين هم أساتذة الطريقة ، وزهاد الناس ، وعبادهم ، وارتاضوا وتورعوا واتقوا ، وتوجهوا إلى جناب الحق ، وتبرؤوا من حول أنفسهم وقوتها ، كلهم مضوا على هذا المذهب; كما علم من كتبهم المعتمدة عليها .
وذكر في كتاب «التعرف» الذي هو من الكتب المعتمدة لهذا القوم ، وقال في حقه شيخ الشيوخ
شهاب الدين السهرودي : لولا «التعرف» ما عرفنا التصوف عقائد أهل السنة والجماعة بلا زيادة ولا نقصان .
ومصداق ما قلنا هاهنا : أنه لو جمع كتب الحديث ، والتفسير ، والكلام ، والفقه ، والتصوف ، والسير ، والتواريخ المشهورة في مشارق الأرض ومغاربها ، وفحص فيها ، ويأتي المخالفون أيضا بكتبهم ، ظهر الحال ، ووضح حقيقة المقال .
وبالجملة : فالسواد الأعظم في دين الإسلام هو مذهب أهل السنة والجماعة .
عرف ذلك من اتصف بالإنصاف ، وتجنب عن التعصب والاعتساف ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . انتهى مترجما .
وقول هذا البيان من هذا الشيخ الرفيع الشأن ، ما أحسنه !! ومن حاول أن يطلع على تفصيل هذا الإجمال ، ويعرف القوي من الضعيف الأقوال ، فليرجع أولا إلى كتاب «خبيئة الأكوان» ، وثانيا إلى «حجج الكرامة» ;
[ ص: 36 ] فإن في الأول ذكر الفرق الإسلامية كلها ، المفترقة على الأديان المختلفة ، المخالفة للسنة الصحيحة .
وفي الثاني : تعيين الفرقة الناجية ، بما يسقط معه كل شبهة وشك ، ويزول كل قيد فضول .