[ ص: 151 ] بيان مذهب
القدرية
فأما
القدرية ، فمنسوبة إلى القدر; لأنهم منكرون له .
ومذهبهم : أن العبد خالق لأفعاله ، مستقل في أعماله ، ولا قضاء ولا قدر سبق .
والقدرية - بفتح الدال - ، والجبرية - بفتح الباء -; للمشاكلة ، والأصل فيه : السكون ، نسبة إلى الجبر .
قال : ويسمي صاحب «الكشاف» أهل السنة - للتعصب الذي له في مذهب
الاعتزال والقدر - :
مرجئة وجبرية; لأنهم لا يدخلون العمل في حقيقة الإيمان ، ولا يقولون : إن العبد خالق لأفعاله .
قال : وهذا غلط; لأن أهل السنة والجماعة يقولون : إن الإيمان عبارة عن التصديق والإقرار ، وإن العمل سبب لكماله ، لا أن الإيمان قول بلا عمل . فمذهبهم هو التوسط بين الجبر والقدر ، وليكن أمر بين أمرين ، انتهى .
وأقول : الحكم على أهل السنة بأنهم لا يدخلون العمل في حقيقة الإيمان على الإطلاق ، ليس بمستقيم .
أما أولا - فلأن أهل السنة والجماعة في الحقيقة - عبارة عن أهل الحديث ، وأصحاب الاتباع بالإحسان ، وهم كلهم أجمعون يعتبرون العمل في حد الإيمان ورسمه .
وأما ثانيا- فلأن
الحنابلة والشافعية قائلون بدخوله فيه أيضا ، وبه قال بعض الحنفية ، واعتبره كما في «ما لا بد منه» .
نعم ، المشهور من مذهب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - : أن العمل لا يدخل في معنى الإيمان ، وهو قول ضعيف .
[ ص: 152 ] ولهذا عده الشيخ
عبد القادر الجيلاني - رحمه الله تعالى - من المرجئة ، وتأوله الشيخ
أحمد الدهلوي في «التفهيمات» بقوله : والإمام المذكور مجتهد ، والمجتهد يخطئ ويصيب ، وعلى الخطأ أجر ، كما أنه على الإصابة أجران ، لكن الشكوى من مقلديه ، كيف يقولون بقوله ، بعد ظهور ضعفه أو خطئه ، فهم غير معذورين ، كما أنه معذور ، بل مأجور ، والحق أحق بأن يتبع . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب . والغريب من أقسام الأحاديث الصحيحة ، والصحيح يحتج به في الأحكام ، بل هو الحجة ، ثم الحسن لذاته ، ثم الحسن لغيره .