أعظم الفتن التي ابتليت به الأمة الإسلامية
وإنك إذا تأملت في أحوال الناس، أيقنت أن من
أعظم الفتن في الإسلام فتنتين: فتنة القبور، وفتنة تقليد الرجال، وكل بلاء في الدين، فإنما تولد من هاتين الفتنتين، وكل الصيد في جوف الفرا، وصار الإسلام والمسلمين مدة طولى تحت أطباق الثرى.
أما فتنة التقليد المذهبي الشخصي، فقد أدت إلى هجران الكتاب العزيز، والسنة المطهرة. وهجرهما أدى إلى اختيار كل باطل زاهق، على كل حق ثابت فيهما، وصار الناس بسببه أحزابا متحزبة، وجموعا متفرقة، وصدق المثل السائر: كل نفس ودينها، وعلى نفسها براقش تجني.
[ ص: 591 ] وتفرقت جماعة المسلمين في الديار العربية والعجمية كلها، وجاء مصداق الحديث المستفيض:
nindex.php?page=hadith&LINKID=697174ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا ملة واحدة.. الحديث، وهي جماعة أهل السنة. والمراد بالسنة: حديثه -صلى الله عليه وسلم- المروي في دواوين الإسلام، بواسطة الرواة الثقات، دون أهل المذاهب الأربعة، المقلدة في الفروع والأصول لأئمتهم المجتهدين؛ فإنهم ليسوا مصداق ذلك باليقين؛ لعدم صدق الأحاديث الواردة في تعيين الفرقة الناجية عليهم، كما ينبغي.