صفحة جزء
نعي المؤلف على قلة إدراك المقلدين وسوء فهمهم

وانحرافهم عن طريق الإسلام

وليت هؤلاء المقلدة الجناة الأجلاف نظروا بعين العقل إذ حرموا النظر بعين العلم، ووازنوا بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وبين أئمة مذاهبهم، وتصوروا وقوفهم بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ..

[ ص: 216 ] فهل يخطر ببال من بقيت فيه بقية من عقل هؤلاء المقلدين أن هؤلاء الأئمة المتبوعين عند وقوفهم المفروض بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، كانوا يردون عليه قوله، أو يخالفونه بأقوالهم؟ كلا والله، بل هم أتقى لله، وأخشى له.

فقد كان أكابر الصحابة يتركون سؤاله صلى الله عليه وسلم- في كثير من الحوادث هيبة وتعظيما، وكان يعجبهم الرجل العاقل من أهل البادية إذا وصل يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليستفيدوا بسؤاله، كما ثبت في "الصحيح" ، وكانوا يقفون بين يديه كأن على رؤوسهم الطير، ويرمون بأبصارهم إلى ما بين أيديهم، ولا يرفعونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، احتشاما وتكريما.

وكانوا أحقر وأقل عند أنفسهم من أن يعارضوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بآرائهم .

وكان التابعون يتأدبون مع الصحابة بقريب من هذا الأدب. وكذلك تابعو التابعين كانوا يتأدبون بقريب من آداب التابعين مع الصحابة.

فما ظنك أيها المقلد، لو حضر إمامك بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ !!

فإذا فاتك يا مسكين الاهتداء بهدي العلم، فلا يفوتنك الاهتداء بهدي العقل; فإنك إذا استضأت بنوره، خرجت من ظلمات جهلك إلى نور الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية