وأما
أهل السنة، ففسروا التوحيد بنفي التشبيه والتعطيل.
وأما الجهمية: فلم يختلف أحد ممن صنف في المقالات أنهم ينفون الصفات حتى نسبوا إلى التعطيل.
وثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-: أنه قال: بالغ جهم في نفي التشبيه حتى قال: إن الله ليس بشيء.
قال
الكرماني: الجهمية: فرقة من المبتدعة ينتسبون إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم بن صفوان [ ص: 112 ] مقدم
الطائفة القائلة: أن لا قدرة للعبد أصلا، وهم الجبرية -بفتح الجيم، وسكون الموحدة-.
ومات مقتولا في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك. انتهى.
قال الحافظ في «الفتح»: وليس الذي أنكروه على
الجهمية مذهب الجبر خاصة، وإنما الذي أطبق السلف على ذمهم نسبة إنكار الصفات، حتى قالوا: إن القرآن ليس كلام الله، وإنه مخلوق.
قال الأستاذ
أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي في كتاب «الفرق بين الفرق»: إن رؤوس المبتدعة أربعة... إلى أن قال:
والجهمية أتباع
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار، وبالاضطرار إلى الأعمال، وقال: لا فعل لأحد غير الله تعالى، وإنما ينسب الفعل إلى العبد مجازا غير أن يكون فاعلا، أو مستطيعا لشيء.
وزعم أن علم الله حادث، وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء، أو حي، أو عالم، أو مريد، حتى قال: لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره.
قال: وأصفه بأنه خالق، ومحيي، ومميت، وموحدا -بفتح الحاء المهملة الثقيلة-؛ لأن هذه الأوصاف خاصة به.
وزعم أن كلام الله حادث، ولم يسم الله متكلما به.
قال: وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم يحمل السلاح، ويقاتل، وخرج مع
الحارث بن سريج وهو -بمهملة وجيم مصغرا- لما قام على
نصر بن سيار عامل بني أمية
بخراسان، فآل أمره إلى أن قتله
سلم بن أحوز، وهو -بفتح المهملة، وسكون اللام، وأبوه بمهملة، وزاي، وزن أعور-، وكان صاحب شرطة نصر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب «خلق الأفعال»: بلغني أن
جهما كان يأخذ عن
nindex.php?page=showalam&ids=14005الجعد بن درهم.
وكان
خالد القسري -وهو أمير العراق- خطب، فقال: إني مضح
nindex.php?page=showalam&ids=14005بالجعد بن [ ص: 113 ] درهم؛ لأنه زعم أن الله لم يتخذ
إبراهيم خليلا، ولم يكلم
موسى تكليما.
قلت: وكان ذلك في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك، فكأن
الكرماني انتقل ذهنه من
الجعد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15658الجهم؛ فإن قتل
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم كان بعد ذلك بمدة.
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
محمد بن مقاتل، قال: قال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك:
ولا أقول بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15658الجهم، إنه قول يضارع قول أهل الشرك أحيانا.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود، والنصارى، ونستعظم أن نحكي قول
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم.
وعن
عبد الله بن شوذب، قال: ترك
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم الصلاة أربعين يوما على وجه الشك.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم في كتاب «الرد على الجهمية» من طريق
خلف بن سليمان البلخي، قال: كان
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم من أهل
الكوفة، وكان فصيحا، ولم يكن له نفاذ في العلم، فلقيه قوم من الزنادقة، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده، فدخل البيت لا يخرج مدة، ثم خرج، فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في «التوحيد»، ومن طريقه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في «الأسماء»، قال: سمعت
أبا قدامة يقول: سمعت
أبا معاذ البلخي يقول: كان
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم على معبر ترمذ، وكان كوفي الأصل، فصيحا، ولم يكن له علم، ولا مجالسة أهل العلم.
فقيل له: صف لنا ربك، فدخل البيت لا يخرج كذا، ثم خرج بعد أيام، فقال: هو هذا الهواء، مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلو منه شيء.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم صفة بلا معنى، وبناء بلا أساس، ولم يعد قط في أهل العلم، وقد سئل عن رجل طلق قبل الدخول، فقال: تعتد امرأته.
وأورد آثارا كثيرة عن السلف بتكفير
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم.
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في «تاريخه» في حوادث سنة سبع وعشرين: أن
الحارث بن سريج خرج على
نصر بن سيار عامل
خراسان لبني أمية، وحاربه، والحارث
[ ص: 114 ] حينئذ يدعو إلى العمل بالكتاب والسنة، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم حينئذ كاتبه.
ثم تراسلا في الصلح، وتراضيا بحكم
مقاتل بن حبان، والجهم.
فاتفقا على أن الأمر يكون شورى حتى تراضى أهل
خراسان على أمير يحكم بينهم بالعدل.
فلم يقبل
نصر ذلك، واستمر بمحاربة
الحارث إلى أن قتل
الحارث في سنة ثمان وعشرين ومائة في خلافة
مروان الحمار.
فيقال: إن
nindex.php?page=showalam&ids=15658الجهم قتل في المعركة، ويقال: بل أسر، فأمر
نصر بن سيار سلم بن أحوز بقتله، فادعى
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم الأمان، فقال له
سلم: لو كنت في بطني، لشققته حتى أقتلك، فقتله.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم من طريق
محمد بن صالح مولى بني هاشم، قال: قال
سلم حين أخذه: يا
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم! إني لست أقتلك لأنك قاتلتني، أنت عندي أحقر من ذلك، ولكني سمعتك تتكلم بكلام أعطيت الله عهدا ألا أملكك إلا قتلتك، فقتله.
ومن طريقي
معتمر بن سليمان، عن
خلاد الطفاوي: بلغ
سلم بن أحوز -وكان على شرطة
خراسان-: أن
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم بن صفوان ينكر أن الله كلم موسى تكليما، فقتله.
ومن طريق
بكير بن معروف، قال: رأيت
سلم بن أحوز حين ضرب عنق
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم، فاسود وجه
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم.
وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=15113أبو القاسم اللالكائي في «كتاب السنة» له: أن قتل
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، والمعتمد ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: أنه كان في سنة ثمان وعشرين.
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم من طريق
سعيد بن رحمة صاحب
أبي إسحاق القراري: أن قصة
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم كانت في سنة ثلاثين ومائة.
وهذا يمكن حمله على جبر الكسر، أو على أن قتل جهم تراخى عن قتل
الحارث بن سريج. [ ص: 115 ]
وأما قول
الكرماني: إن قتل
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم كان في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك، فوهم؛ لأن خروج
الحارث بن سريج الذي كان
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم كاتبه كان بعد ذلك.
ولعل مستند
الكرماني ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16207صالح بن أحمد بن حنبل، قال: قرأت في دواوين
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك: إلى
نصر بن سيار عامل
خراسان.
أما بعد: فقد نجم قبلك رجل يقال له:
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم من الدهرية، فإن ظفرت به، فاقتله.
ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون قتله وقع في زمن
هشام، وإن كان ظهور مقالته وقع قبل ذلك حتى كاتب فيه
هشام، والله أعلم.