صفحة جزء
بيان حكم منع المرأة من الزواج بآخر أو بزوجها بعد انقضاء عدة طلاقها

ومنها: ممانعة عن النكاح الثاني، مع أنه ثابت بالكتاب والسنة.

أما الكتاب العزيز، فقد قال الله - تبارك وتعالى -: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة: 232]. قال في "فتح البيان" : الخطاب في هذه الآية إما أن يكون للأزواج، ويكون [ ص: 441 ] معنى العضل منهم: أن يمنعوهن من أن يتزوجن من أردن من الأزواج بعد انقضاء مدتهن لحمية الجاهلية; كما يقع كثيرا من الخلفاء والسلاطين، غيرة على من كن تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم; لأنهم لما نالوه من رئاسة الدنيا، وما صاروا فيه من النخوة والكبرياء، يتخيلون أنهم قد خرجوا من جنس بني آدم، إلا من عصمه الله منهم بالورع والتواضع.

وإما أن يكون الخطاب للأولياء، ويكون معنى إسناد الطلاق إليهم: أنهم سبب له; لكونهم المزوجين للنساء المطلقات من الأزواج المطلقين لهن.

وبلوغ الأجل المذكور هنا، المراد به المعنى الحقيقي; أي: نهايته، لا كما سبق في الآية الأولى. ولهذا قال الشافعي. اختلاف الكلامين على افتراق البلوغين.

"والعضل" : الحبس، وقيل: التضييق والمنع، وهو راجع إلى معنى الحبس، والمعنى: إذا تراضى الخطاب والنساء.

و "المعروف" هنا: ما وافق الشرع من عقد حلال، ومهر جائز.

وقيل: هو أن يرضى كل واحد منهما بما التزمه لصاحبه بحق العقد، حتى تحصل الصحبة الحسنة، والعشرة الجميلة.

ذلكم أنمى وأنفع لكم وأطهر من الأدناس، وأطيب عند الله، لما يخشى على الزوجين من الريبة، بسبب العلاقة بينهما.

وبالجملة: الآية دليل على جواز النكاح الثاني، وفيها نهي للأولياء عن عضلهن، والنهي أصل في التحريم، فالعضل حرام، والنكاح الثاني حلال.

التالي السابق


الخدمات العلمية