أقسام الدعوة
قال
ابن القيم - رحمه الله - في معنى هذه الآية: ذكر سبحانه مراتب الدعوة، فجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو:
1-فإنه إما أن يكون طالبا للحق، محبا له، مؤثرا له على غيره إذا عرفه، فهذا يدعى بالحكمة، ولا يحتاج إلى موعظة، وجدال.
2-وإما أن يكون مشتغلا بضد الحق، لكن لو عرفه آثره واتبعه، فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب.
3-وإما أن يكون معاندا معارضا، فهذا يجادل بالتي هي أحسن.
فإن رجع فيها، وإلا ينقل معه إلى الجهاد إن أمكن. انتهى.
قال
الحافظ في «فتح الباري» تحت قول
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تعالى: المراد بتوحيد الله: الشهادة بأنه إله واحد.
[ ص: 129 ]
وهذا الذي يسميه بعض غلاة الصوفية توحيد العامة، وقد ادعى طائفتان في تفسير التوحيد أمرين اخترعوهما.
أحدهما: تفسير
المعتزلة كما تقدم.
ثانيهما: تفسير غلاة الصوفية؛ فإن أكابرهم لما تكلموا في مسألة المحو، والفناء، وكان مرادهم بذلك المبالغة في الرضاء، والتسليم، وتفويض الأمر، بالغ بعضهم حتى ضاهى المرجئة في نفي نسبة الفعل إلى العبد.
وجر ذلك الخصم إلى معذرة العصاة، ثم غلا بعضهم، فعذر الكفار، ثم غلا بعضهم، فزعم أن المراد بالتوحيد اعتقاد وحدة الوجود.
وعظم الخطب حتى ساء ظن كثير من أهل العلم بمتقدميهم، وحاشاهم من ذلك.
وقد قدمت كلام شيخ الطائفة الجنيد، وهو في غاية الحسن، والإيجاز.
وقد رد عليه بعض من قال بالوحدة المطلقة، فقال: وهل من غير؟ ولهم في ذلك كلام طويل ينبو عنه سمع كل من كان على فطرة الإسلام، والله المستعان. انتهى كلام «الفتح».