والحشيشة المصنوعة من ورق العنب حرام أيضا ، يجلد صاحبها كما يجلد شارب الخمر ، وهي أخبث من الخمر ، من جهة أنها تفسد العقل والمزاج ، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة وغير ذلك من الفساد ، والخمر أخبث ، من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة وكلاهما يصد عن ذكر الله - تعالى وعن الصلاة .
وقد توقف بعض الفقهاء المتأخرين في حدها ، ورأى أن آكلها يعزر بما دون الحد ، حيث ظنها تغير العقل من غير طرب ، بمنزلة البنج ، ولم تجد للعلماء المتقدمين فيها كلاما ، وليس كذلك ، بل آكلوها ينشون عنها ويشتهونها ، كشراب الخمر وأكثر ، وتصدهم عن ذكر الله ، وعن الصلاة ، إذا أكثروا منها ، مع ما فيها من المفاسد الأخرى ، من الدياثة والتخنث ، وفساد المزاج والعقل وغير ذلك ، ولكن لما كانت جامدة مطعومة ليست شرابا تنازع الفقهاء في نجاستها ، على ثلاثة أقوال : في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره ، فقيل : هي نجسة كالخمر المشروبة ، وهذا هو الاعتبار الصحيح ، وقيل : لا ; لجمودها .
وقيل : يفرق بين جامدها ومائعها .
وبكل حال فهي داخلة فيما حرمه الله ورسوله ، من الخمر والمسكر لفظا أو معنى
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=25314قال nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يا رسول الله . أفتنا في شربين كنا نصنعهما باليمن : [ ص: 147 ] البتع - وهو من العسل ينبذ حتى يشتد . والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتيمه . فقال : كل مسكر حرام } متفق عليه في الصحيحين
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12159إن من الحنطة خمرا ، ومن الشعير خمرا ، ومن الزبيب خمرا ، ومن التمر خمرا ، ومن العسل خمرا ، وأنا أنهى عن كل مسكر } ، رواه
أبو داود وغيره ، ولكن هذا في الصحيحين . عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر موقوفا عليه ، أنه خطب به على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " الخمر ما خامر العقل " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كل مسكر خمر وكل خمر حرام } ، وفي رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام } رواهما
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه .
[ ص: 148 ]
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25755كل مسكر حرام ، وما أسكر الفرق منه ، فملء الكف منه حرام } . قال
الترمذي حسن
وروى أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من وجوه أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34112ما أسكر كثيره ، فقليله حرام . } وصححه
الحافظ
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40339أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة ، يقال : المزر ، فقال : أمسكر هو ؟ قال : نعم . فقال : كل مسكر حرام إن على الله عهدا لمن شرب المسكر ، أن يسقيه من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله : وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22470كل محرم خمر ، وكل مسكر حرام } رواه
أبو داود [ ص: 149 ]
والأحاديث في هذا الباب كثيرة مستفيضة ، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوتيه من جوامع الكلم كل ما غطى العقل وأسكر ، ولم يفرق بين نوع ونوع ، ولا تأثير لكونه مأكولا أو مشروبا ، على الخمر قد يصطبغ بها ، والحشيشة قد تذاب في الماء وتشرب ، فكل خمر يشرب ويؤكل ، والحشيشة تؤكل وتشرب ، وكل ذلك حرام ، وإنما لم يتكلم المتقدمون في خصوصها ; لأنه إنما حدث أكلها من قريب ، في أواخر المائة السادسة ، أو قريبا من ذلك ، كما أنه قد أحدثت أشربة مسكرة ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلها داخلة في الكلم الجوامع ، من الكتاب والسنة .