صفحة جزء
فصل [في فسخ النكاح في وقت الحيض]

وقال مالك في النكاح الفاسد: إذا كان مما يفرق فيه بعد الدخول، أو كان مما يحتاط فيه بالطلاق مثل: نكاح المحرم، والخامسة، والمرأة على عمتها أو خالتها، والتي تواعد في العدة، والموهوبة، والأمة تتزوج بغير إذن سيدها، والذي يتزوج الأمة على أن ولدها حر، فإنه يفسخ في الحيض؛ لأن إقراره أعظم من الطلاق في الحيض.

وإن تزوج العبد بغير إذن سيده، أو مولى عليه بغير إذن وليه، وما كان إجازته حلالا، فلا يفرق فيه في الحيض ولا في النفاس، وذلك بيد السيد وبيد الولي بعد الطهر.

واختلف إذا اختلفا، فقالت: طلقتني وأنا حائض، وقال: طلقتك وأنت طاهرة فقال ابن القاسم في العتبية: القول قول الزوج.

وقال سحنون في السليمانية: القول قولها، ويجبر على الرجعة؛ لأنها مؤتمنة على دينها وحيضها وهو لا يعلم حيضها إلا بما أخبرته، وأنكر قول ابن القاسم أن يكون القول قوله.

وأرى أن يقبل قوله، ولأنه لا يخفى على الزوج الوقت الذي تكون فيه [ ص: 2190 ] طاهرا من الوقت الذي تكون فيه حائضا، فكان القول قوله إنه أوقع ذلك في وقت جائز له، وهي مدعية أن لها عليه في ذلك حقا.

ولا تطلق الحائض إذا رأت الطهر قبل أن تغتسل، وإن فعل: مضى، ولم يجبر على الرجعة، وإن كانت في سفر ولم تجد ماء فتيممت، جاز له أن يطلقها.

والأصل في منع الطلاق في الحيض إذا كانت مدخولا بها حديث ابن عمر: طلق زوجته وهي حائض، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، ثم يمسك حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم يطلقها إن شاء قبل أن يمس.

فإن ارتجع ثم طلق في الطهر الأول مضى ذلك.

واختلف إذا لم يرتجع حتى دخلت في الطهر الثاني، فقال ابن القاسم: يجبر على الرجعة. وقال أشهب: لا شيء عليه؛ لأنها صارت إلى موضع لو ارتجع لجاز له أن يطلق فيه. [ ص: 2191 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية